وقال أبو المحاسن الروياني في الحلية: ولا ينبغي أن يصلي خلف المبتدع، فان صلى لا يلزمه الإعادة، لأنا لا نكفر أحدا من أهل المذاهب المختلفة، وقال عليه السلام: من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا، فله مالنا وعليه ما علينا، ولهذا يناكحون ويقرون عليه مع وجوب الاحتياط.
فهؤلاء هم العلماء أعضاد الدين، وأعلام الاسلام، تراهم كيف يحترزون من اطلاق التكفير، وإياك والاغترار بقول مجازف يوهمك التعصب للدين، وقصده استتباع العوام، واجتذاب الحطام، والأغراض الدنيوية، إلى آخر كلامه.
وقال صاحب المواقف: المقصد الخامس في أن المخالف للحق من أهل القبلة هل يكفر أم لا؟ جمهور المتكلمين والفقهاء على أنه لا يكفر أحد من أهل القبلة.
قال الشارح: فان الشيخ أبا الحسن قال في أول كتاب مقالات الاسلاميين:
اختلف المسلمون بعد نبيهم صلى الله عليه وآله في أشياء، ضلل بعضهم بعضا، وتبرأ بعضهم عن بعض، فصاروا فرقا متباينين، الا أن الاسلام يجمعهم ويعمهم، فهذا مذهبه وعليه أكثر أصحابنا.
وقد نقل عن الشافعي أنه قال: لا أرد شهادة أحد من أهل الأهواء الا الخطابية، فإنهم يعتقدون حل الكذب، وحكى الحاكم صاحب المختصر في كتاب المنتقى عن أبي حنيفة، أنه لم يكفر أحدا من أهل القبلة، وروى أبو بكر الرازي مثل ذلك عن الكرخي (1). انتهى.
حكاية لطيفة مناسبة:
قد اتفق لي صحبة في مكة المشرفة مع بعض فضلاء أهل السنة، وكان مفتي الحنفية، وكان يتوهم أني على مذهبه وعقيدته، فجرى بيني وبينه مكالمات هذا