منزلة تكفير القضاة والأئمة وآحاد المسلمين. انتهى.
ونقل بعض شارحي الشفاء للقاضي عياض المالكي، أنه قال في شرح فصل بيان فرق المعتقدين غير اعتقاد أهل السنة من المشبهة والمجسمة والمعتزلة والشيعة: انه يفهم من كلام المصنف في هذا المقام أنه لمالك وأصحابه أقوالا بالتكفير والقتل ان لم يقع لهم توبة، وهو مشكل، لأن القول بالتكفير في مثل هذا المقام - أعني: مقام التأويل والاجتهاد - يتعين عنه الابعاد، لأنه أمر عظيم الخطر، مهول في الدين القويم، تحسبونه هينا وهو عند الله عظيم، إذ هو عبارة عن الاخبار عن شخص أن عاقبته في الآخرة العقوبة الدائمة، وأنه في الدنيا مباح الدم والمال لا يمكن من نكاح مسلمة، ولا يجري عليه أحكام الاسلام في حياته وبعد مماته، والخطأ في ترك ألف كافر أهون عند الله تعالى من الخطأ في سفك محجمة من دم مسلم.
ثم إن هذه المسائل الاجتهادية التي نحكم فيها هذا الحكم في غاية الدقة والغموض، لكثرة شبهها، واختلاف قرائن أحوالها، وتفاوت دواعيها، والاستقصاء في معرفة الخطأ، مع كثرة صنوف وجوهه، والاطلاع على حقيقة التأويل وشرائطه في الأماكن، ومعرفة الألفاظ المحتملة للتأويل وغير المحتملة تستدعي معرفة طرق أهل لسان العربية في حقائقها ومجازاتها واستعارتها، ومعرفة دقائق علم التوحيد وغوامضه إلى غير ذلك، وهذا متعذر جدا.
على أن ذلك مع انضمام الأغراض واختلاف التعصبات وتفاوت دواعي الخاصة والعامة في الأزمنة المختلفة إلى تلك الفتوى، وقال عليه أفضل الصلاة والسلام:
أجرأكم على الفتوى أجرأكم على النار، فان المفتي على شفير جهنم. هذا هو التحقيق في هذا المقام.
ثم قال: ولهذا ترددت أقوال الأئمة المحققين في ذلك، فقال الإمام أبو القاسم الأنصاري، والقاضي أبو بكر، والأستاذ أبو إسحاق الأسفرائيني: ذكروا أقوالا