نحن ضربناكم على تأويله * كما ضربناكم على تنزيله ضربا يزيل الهام عن مقيله * ويذهل الخليل عن خليه أو يرجع الحق إلى سبيله ثم استسقى وقد اشتد عطشه، فأتته امرأة طويلة اليدين، ما أدري أعس معها أم إداوة، فيها ضياح من لبن، فقال حين شرب: الجنة تحت الأسنة، اليوم ألقى الأحبة، محمدا وحزبه، والله لو ضربونا حتى يبلغونا سعفات هجر لعلمنا أنا على الحق وأنهم على الباطل، ثم حمل وحمل عليه ابن حوى السكسكي وأبو العادية، فأما أبو العادية فطعنه، وأما ابن حوى فاحتز رأسه.
وقد كان ذو الكلاع يسمع عمرو بن العاص يقول: ان النبي صلى الله عليه وآله يقول لعمار:
تقتلك الفئة الباغية، وآخر شربك ضياح من لبن، فقال ذو الكلاع لعمرو: ويحك ما هذا، قال عمرو: انه سيرجع إلينا ويفارق أبا تراب، وذلك قبل أن يصاب عمار، فلما أصيب عمار في هذا اليوم أصيب ذو الكلاع، فقال عمرو لمعاوية: والله ما أدري بقتل أيهما أنا أشد فرحا، والله لو بقي ذو الكلاع حتى يقتل عمار لمال بعامة قومه إلى علي، ولأفسد علينا أمرنا.
قال نصر: وحدثنا عمر بن سعد، قال: كان لا يزال رجل يجئ فيقول لمعاوية وعمرو: أنا قتلت عمارا، فيقول له عمرو: فما سمعته يقول؟ فيخلط، حتى أقبل ابن حوى، فقال: أنا قتلته، فقال عمرو: فما كان آخر منطقه؟ قال: سمعته يقول: اليوم ألقى الأحبة محمدا وحزبه، فقال: صدقت، أنت صاحبه، أما والله ما ظفرت يداك، ولقد أسخطت ربك.
قال نصر: حدثنا عمرو بن شمر، قال: حدثني إسماعيل السدي، عن عبد خير الهمداني، قال: نظرت إلى عمار بن ياسر يوما من أيام صفين، قد رمي رمية فأغمي عليه، فلم يصل الظهر ولا العصر ولا المغرب ولا العشاء ولا الفجر، ثم أفاق