تقدم الأحاديث الواردة في خيبر الدالة على فرارهما.
وقد أشار النبي صلى الله عليه وآله في تلك الأحاديث بعدم ايمانهما، حيث قال بعد ما أعطى الراية أبا بكر وعمر ورجعا فارين: لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، كرار غير فرار، ولا شك أن أهل البصيرة يفهمون من توصيف البشر باعطاء الراية بهذه الأوصاف، انتفاؤها عمن أعطي الراية قبله، والا لزم أن يكون التوصيف من غير فائدة.
ومما يدل على ظلم أبي بكر وعدم لياقته للخلافة: كلماته عند خروجه من الدنيا. قال الغزالي في الاحياء: عن زيد بن أسلم قال: دخل الثاني على الأول وهو يجيل لسانه، وفي موضع آخر يبضبض بلسانه، فقال: هذا الذي أوردني الموارد.
وفي ننفيس الكرابيسي، وزهرة البستي، ومواعظ الكرامي: أن أبا بكر قال عند موته: يا ليتني كنت طيرا في القفار، آكل من الثمار، وأشرب من الأنهار، وآوي إلى الأشجار، ولم أول على الناس، فدخل عليه الثاني فقال: هذا الذي أوردني الموارد (1).
وقال في الصراط المستقيم: قد اشتهر أنه قال: يا ليتني كنت تبنة في لبنة، أو شعرة في صدر مؤمن. وقال: حدث الحسين بن كثير عن أبيه، قال: دخل محمد بن أبي بكر على أبيه وهو يتلوى (2)، فقال: ما حالك؟ قال: مظلمة ابن أبي طالب، فلو استحللته لي، فقال لعلي عليه السلام في ذلك، فقال: قل ائت المنبر وأخبر الناس بظلامتي، فبلغه، فقال: ما أراد أن يصلي على أبيك اثنان (3).
ونقل هذه الحكاية في كامل البهائي، عن أبي غسان مالك بن إسماعيل مع أدنى