وقد نظم حكاية امارة أسامة على الشيخين جماعة من الشعراء، منهم: السيد الحميري والعوني والجزري وابن الحجاج (١).
ومن عجيب الأمور ما نقل عن أبي هاشم شيخ المعتزلة، أنه قال في كتابه الذي سماه الجامع: فان قيل: أفيجوز أن يخالف النبي صلى الله عليه وآله فيما يأمر به؟
قيل له: أما ما كان من ذلك من طريق الوحي، فليس يجوز مخالفته على وجه من الوجوه، وأما ما كان من ذلك على طريق الرأي، فسبيله فيه سبيل الأمة من أنه لا يجوز أن يخالف في ذلك في حال حياته، فأما بعد وفاته فقد يجوز أن يخالف، يدلك على ذلك أنه قد أمر أسامة أن يخرج بأصحابه في الوجه الذي بعث فيهم، فأقام أسامة عليه، وقال: لم أكن لأسأل عنك الركب، ثم إن أبا بكر استرجع عمر وقد كان في أصحابه، ولو كان ذلك بوحي لم يكن لأسامة أن يقيم ويقول: لم أكن لأسأل عنك الركب، ولا كان لأبي بكر استرجاع عمر انتهى.
انظر أيها اللبيب إلى هؤلاء القوم كيف يتركون الآيات المحكمات ويأولونها بقول أسامة وفعل أبي بكر وعمر، وقال الله تعالى ﴿وما ينطق عن الهوى * ان هو الا وحي يوحى﴾ (٢) وقال الله تعالى ﴿ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا﴾ (٣) وقال عز وجل ﴿أطيعوا الله وأطيعوا الرسول﴾ (4) وغيرها من الآيات، فكيف يجوز أن يكون تدبير الجيوش بغير أمر الله تعالى ووحيه وهو يشتمل على سفك الدماء، وتملك الأنفس والأموال وغير ذلك، وإن كان خلافه جائزا فكيف لعن المتخلف؟