ويلزم من قول هذا الرجل المقيد بقيد التقليد جواز مخالفة الرسول صلى الله عليه وآله في حياته أيضا، لأن أسامة قال: لم أكن لأسأل عنك الركب حين حياته، أعوذ بالله من هذه العقيدة.
ومما يدل على أن أبا بكر وعمر كانا ممن تخلفا عن جيش أسامة، واستحقا اللعن بالتخلف ما نقله ابن أبي الحديد في الجزء السادس من شرحه، قال: قال أبو بكر:
وحدثنا أحمد بن إسحاق بن صالح، عن أحمد بن سائر، عن سعيد بن كثير الأنصاري، عن عبد الله بن عبد الرحمن، أن رسول الله صلى الله عليه وآله في مرض موته أمر أسامة بن زيد بن حارثة على جيش فيه جلة المهاجرين والأنصار، منهم: أبو بكر، وعمر، وأبو عبيدة بن الجراح، وعبد الرحمن بن عوف، وطلحة، والزبير، وأمره أن يغير على مؤتة حيث قتل أبوه زيد، وأن يغزو وادي فلسطين.
فتثاقل أسامة وتثاقل الجيش بتثاقله، وجعل رسول الله صلى الله عليه وآله في مرضه يثقل ويخف، ويؤكد القول في تنفيذ ذلك البعث، حتى قال له أسامة: بأبي أنت وأمي أتأذن لي أن أمكث أياما حتى يشفيك الله تعالى، فقال: اخرج وسر على بركة الله تعالى، فقال: يا رسول الله اني ان خرجت وأنت على هذه الحال، خرجت وفي قلبي قرحة منك، فقال: سر على النصر والعافية، فقال: يا رسول الله اني أكره أن أسأل عنك الركبان، فقال: انفذ لما أمرتك به، ثم أغمي على رسول الله صلى الله عليه وآله، وقام أسامة فتجهز للخروج.
فلما أفاق رسول الله صلى الله عليه وآله سأل عن أسامة والبعث، فأخبر أنهم يتجهزون، فجعل يقول: أنفذوا بعث أسامة، لعن الله من تخلف عنه ويكرر ذلك، فخرج أسامة واللواء على رأسه والصحابة بين يديه حتى إذا كان بالجرف نزل ومعه أبو بكر وعمر وأكثر المهاجرين، ومن الأنصار أسيد بن حضير وبشر بن سعد وغيرهم من الوجوه، فجاءه رسول أم أيمن يقول له: ادخل فان رسول الله صلى الله عليه وآله يموت، فقام من