فقد أخرج الطبري في المسترشد: أن جماعة من الصحابة كرهوا تأمير أسامة، فبلغ النبي صلى الله عليه وآله ذلك، فخطب وأوصى به، ثم دخل بيته وجاء المسلمون يودعونه ويلحقون بأسامة، وفيهم أبو بكر وعمر، والنبي يقول: أنفذوا جيش أسامة، فلما بلغ الجرف، بعثت أم أسامة إليه، وهي أم أيمن، أن النبي يموت، فاضطرب القوم، وامتنعوا عليه، ولم ينفذوا لأمر رسول الله صلى الله عليه وآله، ثم بايعوا لأبي بكر قبل دفنه، فادعى القوم أن أبا بكر لم يكن في جيش أسامة.
فحدث الواقدي عن ابن أبي زياد (1)، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: كان فيهم أبو بكر. وحدث أيضا مثله عن محمد بن عبد الله. وذكره البلاذري في تاريخه، وأبو بكر الجوهري في كتاب السقيفة، والزهري، وهلال بن عامر، ومحمد بن إسحاق، وجابر عن الباقر، ومحمد بن أسامة عن أبيه.
ونقل أنهما كانا في حال خلافتهما يسلمان على أسامة بالأمرة.
وفي كتاب العقد: اختصم أسامة وابن عثمان في حائط، فافتخر ابن عثمان، فقال أسامة: أنا أمير على أبيك وصاحبيه، فإياي تفاخر، ولما بعث أبو بكر إلى أسامة:
أنه خليفة، فقال: أنا ومن معي ما وليناك أمرنا، ولم يعزلني رسول الله عنكما، وأنت وصاحبك بغير اذني رجعتما، وما خفي على النبي موضعكما، وقد ولاني عليكما، ولم يولكما.
فهم الأول أن يخلع نفسه، فنهاه الثاني، فرجع أسامة ووقف بباب المسجد، وصاح: يا معشر المسلمين عجبا لرجل استعملني عليه رسول الله فتأمر علي وعزلني. ولو فرض أنهما لم يكونا فيه أليس قد عطلاه بعدم تنفيذه، وعصيا أمر النبي بتنفيذه.