عمر أقصى الغايات لكان يسيرا، لما أدخل عليهم من المصيبات، وما أوقعهم فيه من الضلالة والشبهات، ولا ريب في أنه كان غرضه عليه السلام تأكيد ما قال في حق علي عليه السلام يوم الغدير، فلما أحس عمر بذلك منعه وقال: انه يهجر.
والعجب كل العجب من عقول أهل السنة كيف جمعوا بين حب رسول الله صلى الله عليه وآله وحب عمر، ألم يعرفوا أن من كان في قلبه مثقال ذرة من الايمان لا يجترئ أن يشتم رسول الله صلى الله عليه وآله وينسبه إلى الهجر والهذيان في وجهه حين مفارقته وخروجه من دار الدنيا، مع عظمته وأمر الله تعالى الخلق بتوقيره وتعظيمه، وبطاعته في أوامره ونواهيه، واخباره بأنه لا ينطق الا بما يوحى إليه.
والعجب أن بعض أهل السنة قالوا: إنما أراد أن يكتب خلافة أبي بكر، إذ الحديث الذي أسره النبي صلى الله عليه وآله إلى حفصة هو أن أبا بكر وأباك يليان أمر أمتي من بعدي.
قلنا: من أين لكم العلم بهذا المراد؟ استفدتموه من عزله من برائته؟ أم من تأخيره عن الصلاة؟ أم من جعله أسامة أميرا عليه؟ أم من فراره بالراية حين ولاه؟ ولو علم عمر النص على أبي بكر لسارع إلى فعله لا إلى منعه، والأخبار بأنهما يليان ذلك أن صح، فالمراد الولاية ظلما كما أخبر عن ولاية غيرهم ظلما من بني أمية وغيرهم.
وقد تقدم نقل ابن أبي الحديد عن كتاب تاريخ بغداد: أن عمر سأل ابن عباس:
كيف خلفت عليا؟ قال: يمتح بالدلو، ويقرأ القرآن، قال: القي في نفسه شئ من الخلافة يزعم أن رسول الله صلى الله عليه وآله جعله له؟ قلت: نعم، قال: أراد في مرضه أن يصرح باسمه، فمنعت اشفاقا على الاسلام، وعلم رسول الله صلى الله عليه وآله أني علمت ما في