وصفات المختار لاشتهر.
فبطل بما بيناه مذهب أهل السنة، فإنهم قالوا بثبوت الإمامة باختيار الأمة، ولكنهم اختلفوا في كيفية الاختيار، فقال جماعة منهم بأنه إذا عقد خمسة عدول علماء أو واحد منهم، ورضي باقيهم لرجل هو أهل للإمامة، ولم يكن في الوقت امام ولا عهد لامام، صار المعقود له إماما، لأن عمر عقد لأبي بكر في السقيفة، ورضي ابن الجراح وسالم مولى حذيفة وبشر بن سعيد وأسيد بن خضير، وفي الشورى عقد عبد الرحمن لعثمان، ورضي علي وسعد وطلحة والزبير، ونقل عن الجويني في ارشاده القول بأن الإمامة تنعقد برجل واحد (1).
وقال صاحب المواقف: وإذا ثبت حصول الإمامة بالاختيار والبيعة، فاعلم أن ذلك لا يفتقر إلى الاجماع، إذ لم يقم عليه دليل من العقل والسمع، بل الواحد والاثنان من أهل الحل والعقد كاف، لعلمنا أن الصحابة مع صلابتهم في الدين اكتفوا بذلك، كعقد عمر لأبي بكر، وعقد عبد الرحمن بن عوف لعثمان، ولم يشترطوا اجماع من في المدينة فضلا عن اجماع الأمة.
وقال جماعة أخرى من أهل السنة: باشتراط الاجماع، ورضا كل من أهل الحل والعقد، فلما بطل بما ذكرناه مذهب أهل السنة القائلين بالاختيار، ثبت حقية مذهب الإمامية وامامة أئمتهم الاثني عشر، لأن الموجود في هذا الزمان من المعدودين من الشيعة فرقتان: الزيدية، والإسماعيلية.
فأما بطلان مذهب الزيدية، فظاهر، فإنهم افترقوا ثلاث فرق: السليمانية، والصالحية، وهما قائلان بامامة الشيخين لرضاء علي بهما، وما ذكرناه في ابطال امامتهما يبطل مذهب هاتين الفرقتين.
وأما الجارودية وهي الفرقة الثالثة، فتبرؤا من الثلاثة وطعنوا عليهم، وحكموا