يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد (1) الآية، نزلت في حق علي عليه السلام، وأن الآية الثانية، أعني قوله تعالى ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد (2) نزلت في ابن ملجم لعنه الله، فلم يقبل، فبذل له مائتي ألف درهم، فلم يقبل، فبذل له ثلاثمائة ألف درهم، فلم يقبل، فبذل له أربعمائة ألف، فقبل (3).
ونقل أن أهل الشام لشدة عداوتهم لأهل البيت حرموا أن يقرأ بشئ من قراءة أهل العراق، مع أنهم ممن اتفق الجميع على صحة قراءتهم، حذرا من أن يؤدي ذلك إلى ذكر أمير المؤمنين عليه السلام، لانتهائهم في الرواية إليه صلوات الله عليه، وبلغ عداوتهم إلى حد كانوا يقتلون من اتهم بولاية أهل البيت عليهم السلام، وهذا أمر ظاهر عند من سمع الأخبار وتتبع الآثار، ومع هذا لم ينسبوا إليهم عليهم السلام أمرا يشينهم في ديانتهم وتتضع به جلالتهم.
فلولا أنهم عليهم السلام صادقون في دعواهم الإمامة والعصمة والتأييد من الله سبحانه، لما سلم أعراضهم من هتك الكذابة والفساق المصرين على عداوتهم، وهذا أمر ظاهر لا يخفى على من له أدنى معرفة بالعادات.
وقد ثبت أنهم عليهم السلام لم يكونوا ممن لا يؤبه بهم، وممن لا يدعو الداعي إلى البحث عن أخبارهم بخمولهم وانقطاع آثارهم، بل كانوا في أعلى مرتبة من التعظيم، وفي الدرجة الرفيعة التي يحسدهم عليها الملوك ويتمنونها لأنفسهم، لأن الشيعة مع كثرتها في أكثر البلاد اعتقدت فيهم الإمامة التي تشارك النبوة، وادعت عليهم