الآيات والمعجزات والعصمة عن الزلات، حتى أن الغلاة قد اعتقدت فيهم النبوة والإلهية، وقد جرت العادة في من حصل له جزء من هذه النباهة ممن لم يكن من أهل العصمة والتأييد أن لا يسلم من ألسنة أعدائه، ونسبتهم إياه إلى العيوب القادحة في الديانة والأخلاق.
ومما يدل على جلالة قدرهم وعلو شأنهم، ما هو المشهور بين أهل النقل أن هشام بن عبد الملك حج في خلافة عبد الملك، وطاف البيت، فأراد أن يستلم الحجر فلم يقدر عليه من الزحام، فنصب له منبر، فجلس وأطاف به أهل الشام، فبينا هو كذلك إذ أقبل علي بن الحسين عليهما السلام وعليه ازار ورداء، من أحسن الناس وجها، وأطيبهم رائحة، وبين عينيه سجادة كأنها ركبة بعير، فجعل يطوف بالبيت، فإذا بلغ إلى موضع الحجر تنحى الناس عنه حتى يستلمه هيبة له واجلالا، فغاظ ذلك هشاما، فقال رجل من أهل الشام: من هذا الذي قد هابه الناس هيبة، فأفرجوا له عن الحجر، فقال هشام: لا أعرفه لئلا يرغب فيه أهل الشام، فقال الفرزدق وكان حاضرا: لكني أعرفه، فقال الشامي: ومن هذا يا أبا فراس؟ فقال:
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته * والبيت يعرفه والحل والحرم هذا ابن خير عباد الله كلهم * هذا التقي النقي الطاهر العلم هذا علي رسول الله والده * أمست بنور هداه تهتدي الأمم إذا رأته قريش قال قائلها * إلى مكارم هذا ينتهي الكرم ينمي إلى ذروة العز الذي قصرت * عن نيلها عرب الاسلام والعجم يكاد يمسكه عرفان راحته * ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم يغضي حياء ويغضى من مهابته * فلا يكلم الا حين يبتسم ينشق نور الهدى من نور غرته * كالشمس ينجاب عن اشراقها الظلم بكفه خيزران ريحه عبق * من كف أروع في عرنينه شمم مشتقة من رسول الله نبعته * طابت عناصره والخيم والشيم