عنه عليه السلام إلى معاوية، فنقلوا البناء عن رص أهله إلى غير موضعه.
فان قلت: لفظ الفصل يشهد بخلاف ما تأولته، لأنه قال عليه السلام: حتى إذا قبض الله رسوله رجع قوم على الأعقاب، فجعل رجوعهم على الأعقاب عقيب قبض الرسول صلى الله عليه وآله وما ذكرته أنت كان بعد قبض الرسول بنيف وعشرين سنة.
قلت: ليس يمتنع أن يكون هؤلاء المذكورون رجعوا على الأعقاب لما مات رسول الله صلى الله عليه وآله، وأضمروا في أنفسهم مشاقة أمير المؤمنين عليه السلام وأذاه، وقد كان فيهم من يتحكك به في أيام أبي بكر وعمر وعثمان، ويتعرض له، ولم يكن أحد منهم ولا من غيرهم يقدم على ذلك في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله، ولا يمتنع أيضا أن يريد برجوعهم على الأعقاب ارتدادهم عن الاسلام بالكلية، فان كثيرا من أصحابنا يطعنون في ايمان بعض من ذكرناه، ويعدونهم من المنافقين.
وقد كان سيف رسول الله صلى الله عليه وآله يقمعهم ويردعهم عن اظهار ما في أنفسهم من النفاق، فأظهر قوم منهم بعده ما كانوا يضمرونه من ذلك، خصوصا فيما يتعلق بأمير المؤمنين الذي ورد في حقه: ما كنا نعرف المنافقين على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله الا ببغض علي بن أبي طالب، وهو خبر محقق مذكور في الصحاح.
فان قلت: يمنعك من هذا التأويل قوله (ونقلوا البناء عن رص أساسه، فجعلوه في غير موضعه) وذلك لأن (إذا) ظرف، والعامل فيها قوله (رجع قوم على الأعقاب) وقد عطف عليه قوله (ونقلوا البناء) فإذا كان الرجوع على الأعقاب واقعا في الظرف المذكور، وهو وقت قبض الرسول، وجب أن يكون نقل البناء إلى غير موضعه واقعا في ذلك الوقت أيضا، لأن أحد الفعلين معطوف على الاخر، ولم ينقل أحد وقت قبض الرسول صلى الله عليه وآله البناء إلى معاوية عن أمير المؤمنين عليه السلام، وإنما نقل عنه شخص آخر، وفي اعطاء العطف حقه اثبات مذهب الإمامية صريحا.
قلت: إذا كان الرجوع على الأعقاب واقعا في وقت قبض النبي صلى الله عليه وآله، فقد قمنا بما يجب من وجود عامل في الظرف، ولا يجب أن يكون نقل البناء إلى غير موضعه