ثم ذمهم عليه السلام فقال: (انهم معادن كل خطيئة، وأبواب كل ضارب في غمرة) الغمرة: الضلال والجهل، والضارب فيها: الداخل المعتقد لها.
(قد ماروا في الحيرة) مار يمور إذا ذهب وجاء، فكأنهم يسبحون في الحيرة، كما يسبح الانسان في الماء. وذهل فلان بالفتح يذهل (على سنة من آل فرعون) أي:
على طريقة، وآل فرعون أتباعه، قال تعالى ادخلوا آل فرعون أشد العذاب (1).
(من منقطع إلى الدنيا) لأهم له غيرها، راكن: مخلد إليها، قال تعالى ولا تركنوا إلى الذين ظلموا (2) أو مفارق للدين: مباين مزايل.
فان قلت: أي فرق بين الرجلين؟ وهل يكون المنقطع إلى الدنيا الا مفارقا للدين؟
قلت: قد يكون في أهل الضلال من هو مفارق للدين مباين، وليس براكن إلى الدنيا ولا منقطع إليها، كما نرى كثيرا من أحبار النصارى ورهبانهم.
فان قلت: أليس هذا الفصل صريحا في تحقيق مذهب الإمامية؟
قلت: لا بل يحمل (3) على أنه عنى عليه السلام أعداءه الذين حاربوه من قريش وغيرهم من أفناء العرب في أيام صفين، وهم الذين نقلوا البناء، وهجروا السبب، ووصلوا غير الرحم، واتكلوا على الولائج، وغالتهم السبل، ورجعوا على الأعقاب، كعمرو بن العاص، والمغيرة بن شعبة، ومروان بن الحكم، والوليد بن عقبة، وحبيب بن مسلمة، وبسر بن أرطاة، وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وحوشب، وذي الكلاع، وشرحبيل بن السمط، وأبي الأعور السلمي، وغيرهم ممن تقدم ذكرنا له في الفصول المتعلقة بصفين وأخبارها، فان هؤلاء نقلوا الإمامة