عوالي اللئالي - ابن أبي جمهور الأحسائي - ج ٢ - الصفحة ٦٩
(١٧٧) وقال صلى الله عليه وآله، لمن أراد أن يوصي بجميع ماله في سبيل الله: " لا تفعل ذلك " فنهاه عن الصدقة بجميعه، فقال له: فالنصف؟ فقال عليه السلام: " لا "، فقال: فالثلث؟ فقال عليه السلام: " الثلث، والثلث كثير "، ثم قال: " لئن تتركه لعيالك خير لك " (١) (٢).
﴿١٧٨) وروي أن الثلاثة الذين خلفوا في غزوة تبوك، لما نزل في حقهم " وعلى الثلاثة الذين خلفوا﴾ (3) الآية، وتاب الله عليهم، قالوا: خذ أموالنا يا رسول الله وتصدق بها، وطهرنا من الذنوب، فقال عليه السلام: " ما أمرت أن آخذ من أموالكم شيئا " فنزل " خذ من أموالهم صدقة " (4) فأخذ منهم الزكاة المقررة شرعا (5) (6) (7).

(١) سنن الدارمي، كتاب الوصايا، باب الوصية بالثلث. ورواه في التاج، كتاب الفرائض والوصايا والعتق، (الوصية بالثلث) وقال بعد نقل الحديث: رواه الخمسة.
(٢) هذا الحديث يدل على أمرين:
الأول: ان الوصية لا تنفذ فيما زاد على الثلث، لنهيه صلى الله عليه وآله عن الزائد.
الثاني: انه يصح الوصية بالثلث لاجازته عليه السلام، إلا أن الوصية بالأقل منه أفضل، لأنه جعل تركه للعيال خيرا له من الوصية، والخيرية دليل الأفضلية (معه).
(٣) سورة التوبة: ١١٨.
(٤) سورة التوبة: ١٠٣.
(5) مجمع البيان، سورة التوبة، في بيان سبب نزول آية: 102.
(6) هذا يدل على أنه لو كان اقتراف الذنب بسبب الاشتغال بشئ من الأحوال الدنيوية التي يراد اقتنائها واستبقائها، وتاب المكلف عن ذلك الذنب، لم يجب عليه إتلاف ما هو السبب في ذلك الذنب، بل إنما الواجب أخذ ما وجب فيه من حق الله خاصة، ولا تعلق للتوبة بشئ غير ذلك (معه).
(7) الآية في سورة التوبة هكذا " وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم " تخلفوا من جيش العسرة، وهي غزوة تبوك، كان العشر من المسلمين لهم بعير واحد يتناوبون عليه، وكان زادهم الشعير المسوس، والتمر المدود، وكان التمر الواحد بينهم يمصها الواحد بعد الواحد. وهؤلاء الثلاثة هم كعب بن مالك، ومرارة ابن الربيع، وهلال بن أمية، تخلفوا عن رسول الله لا عن نفاق، ولكن عن توان، ثم ندموا، فلما قدم صلى الله عليه وآله أمر أن لا يكلموا فهجرهم الناس حتى نسائهم، فضاقت عليهم المدينة، وخرجوا إلى رؤوس الجبال، فتهاجروا، هم أيضا وتفرقوا، وبقوا على ذلك خمسين يوما، يتوبون إلى الله، فتقبل الله توبتهم وأنزل فيهم الآية (جه).
(٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 ... » »»
الفهرست