عوالي اللئالي - ابن أبي جمهور الأحسائي - ج ٢ - الصفحة ١٦٩
(7) وروى الشيخ عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال:
سمعته يقول: (من طلب حاجة وهو على غير وضوء، فلم تقض، فلا يلومن إلا نفسه) (1).
(8) وروي أيضا عن سماعة، قال: سألته عن الجنب يجنب، ثم يريد النوم؟ قال: (إن أحب أن يتوضأ فليفعل، والغسل أحب إلي وأفضل من ذلك) (2) (3) (4).

(1) الوسائل، كتاب الطهارة، باب (6) من أبواب الوضوء، حديث 1.
(2) الوسائل، كتاب الطهارة، باب (25) من أبواب الجنابة، حديث 6، و تمام الحديث (وإن هو نام ولم يتوضأ ولم يغتسل فليس عليه شئ إنشاء الله).
(3) وهذا الحديث يدل على استحباب الوضوء للجنب لأجل النوم. ويدل أيضا على أن الغسل ليس واجبا لنفسه (معه).
(4) هذا الوضوء مثل الوضوء المتقدم، للنوم على الطهارة، إلا أن ذلك يرفع الحدث، وهذا لا يرفعه، وإن اشتركا في كونهما غير مبيحين على المشهور.
وأما حكاية وجوب الغسل لنفسه أو لغيره فهي مشهورة بين علمائنا، وقد أطنب العلامة الكلام فيها في المنتهى، مباحثة مع ابن إدريس، فإنه قال هناك بالوجوب لنفسه خلافا على ابن إدريس. وذكر أن فائدة الخلاف تظهر في المجنب إذا خلا من وجوب ما يشترط فيه الطهارة ثم أراد الاغتسال، هل يوقع نيته الوجوب، أو الندب، فالقائلون بالأول، قالوا بالأول، والقائلون بالثاني، قالوا بالثاني. وما ذهب إليه ابن إدريس لعله الأقوى، لدلالة مفهوم الشرط في الآية وللاخبار.
وأما ما استدل به أهل الاخر من قوله عليه السلام: إذا أجنبت فاغتسل. وقوله:
إذا أدخله فقد وجب الغسل ونحو ذلك من الاخبار، فهي منزلة على وجهين:
الأول: أنه من قبيل قوله عليه السلام، في الوضوء: إذا أحدثت فتوضأ مع أن الوضوء واجب لغيره، فيكون إشارة إلى سبب النقض. أو إلى استحباب المبادرة بالوضوء الرافع للحدث حتى يكون دائما على الطهارة.
الثاني: أنه للرد على من ذهب من المخالفين إلى أن الغسل لا يجب إلا بالإنزال لا بالإدخال، كقوله عليه السلام: (إذا التقى الختانان وجب الغسل) وقوله عليه السلام:
(أتوجبون عليه الجلد والرجم ولا توجبون صاعا من ماء).
ولا فائدة مهمة للخلاف على ما ذهب إليه الشيخ وجماعة من القدماء، من الاكتفاء بنية القربة من دون تعرض للوجه، وهو الأقوى.
وبيان عدم الفائدة أن من قال بوجوب الغسل لغيره، جوز تقديمه عليها بنية الندب. ومن قال بالوجوب لنفسه جوز تأخيره إلى وقت الصلاة، لعدم الفورية عنده، لكن إذا أراد إيقاعه قبل وقت الصلاة، أوقعه على وجه الوجوب، فمن لم يقل بقصد الوجه، يكون سالما من هذا الخلاف.
ولهذا قال العلامة: في عنوان المسألة، أطنب المتأخرون في المنازعة بينهم في أن غسل الجنابة، هل هو واجب لنفسه أو لغيره، إشارة إلى أن هذه المسألة لم يتعرض لها القدماء، والوجه فيه ما قلناه.
وقد جعلوا الخلاف في غسل الجنابة، قال المحقق: وهو تحكم بارد إذ لا وجه له، قال بعض المتأخرين: وربما يقال يتجه ذلك في غسل مس الميت، لان الثابت فيه أصل الوجوب، ولم نقف فيه على ما يقتضي اشتراطه في شئ من العبادات فلا مانع من أن يكون واجبا لنفسه، كغسل الجمعة عند من أوجبه (جه).
(١٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 ... » »»
الفهرست