عوالي اللئالي - ابن أبي جمهور الأحسائي - ج ١ - الصفحة ٥٦
(80) وفي حديث عنه صلى الله عليه وآله: " لا تسبوا الدهر فان الله مع الدهر (1) (2).
(81) وفي حديث آخر عنه صلى الله عليه وآله قال: " ان الله تعالى يقول: من تقرب إلي شبرا، تقربت إليه ذراعا، ومن تقرب مني ذراعا، تقربت منه باعا، ومن أتاني مشيا أتيته هرولة " (3) (4).

(1) قال بعضهم ان العرب كانت تقول، أصابني الدهر بقوارعه، وخناني الدهر بحوادثه، حتى كانوا يقولون، لعن الله الدهر، وسموه المنون، والمنية، كما قال شاعرهم:
أمن المنون وريبه تتوجع * والدهر ليس بمعتب من يجزع فكأنه يقول: أمن ريب الدهر وصروفه تتوجع، ومن ذلك قوله تعالى: " نتربص به ريب المنون " سورة الطور آية - 20، أي ريب الدهر فكانوا ينسبون هذه الأفعال إلى الدهر، كما حكاه تعالى عنهم في الكتاب العزيز: " وما يهلكنا الا الدهر " سورة الجاثية آية 24.
فمعنى لا تسبوا الدهر: لا تنسبوا هذه الأفعال والحوادث إليه لأنها واقعة فيه، لا منه، لان الله تعالى هو الذي فعل ذلك بسبب الدهر، فإذا سببتم السبب وصل السب إلى المسبب، لأنه فاعل السبب لان الدهر والمصائب التي فيه، كلها منه، قدرها فيه. فسب الناس الدهر، لكون تلك المصائب فيه، ظنا منهم انها منه، وليس منه فقال عليه السلام " لا تسبوا الدهر فان الله هو الدهر ": أي هو الفاعل فيه، والمجرى لهذه الأفعال فيه فاجراه مجراه. مثل قول شخص: فعل الوزير كذا، فيقول الاخر: لا تسبوا الوزير، فان الوزير هو السلطان، ويكون المعنى ان فعل الوزير إنما هو بأمر السلطان (معه).
(2) ما ذكره في تأويله، هو الذي قاله ابن الأثير وجماعة من أهل العربية (جه).
(3) هذا من باب التشبيه والتمثيل ومعناه: من أتاني بالطاعة مسرعا، أتيته بالثواب والجزاء أسرع من اتيانه بالطاعة، وكنى عن ذلك بالمشي والهرولة تقريبا إلى الأذهان كما يقال فلان مشى مسرعا إلى شئ، وليس المراد المشي إليه، بل المراد الاستعجال في فعله وعدم التوقف والتأني، ومنه قوله تعالى: " والذين سعوا في آياتنا معاجزين " وليس المراد مشوا إليه، وإنما أراد أسرعوا بنياتهم وأفعالهم (معه).
(4) رواه أحمد بن حنبل في ج 5 من مسنده ص 153 عن حديث أبي ذر الغفاري
(٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 رسالة الردود والنقود على الكتاب والمؤلف مقدمة المؤلف وفيها فصول: 1
2 الفصل الأول: في كيفية اسناد المصنف وروايته لجميع ما ذكره من الأحاديث إلى المشايخ. 5
3 الفصل الثاني: في السبب الداعي إلى جمع هذه الأحاديث. 15
4 الفصل الثالث: فيما رواه بطريق الاسناد المتصل اسناده بطريق العنعنة دون الإجارة والمناولة. 21
5 الفصل الرابع: فيما رواه بطرقه المذكورة محذوفة الاسناد. 30
6 الفصل الخامس: في أحاديث تتعلق بمعالم الدين وجملة من الآداب. 81
7 الفصل السادس: في أحاديث أخرى من هذا الباب رواها بطريق واحد. 95
8 الفصل السابع: في أحاديث تتضمن مثل هذا السياق رواها بطريقها من مظانها 107
9 الفصل الثامن: في أحاديث تشتمل على كثير من الآداب ومعالم الدين روايتها تنتهي إلى النبي (ص). 128
10 الفصل التاسع: في أحاديث تتضمن شيئا من أبواب الفقه ذكرها بعض الأصحاب في بعض كتبه. 195
11 الفصل العاشر: في أحاديث تتضمن شيئا من الآداب الدينية. 246
12 الباب الأول ومنه أربعة مسالك: 299
13 المسلك الأول: في أحاديث ذكرها بعض متقدمي الأصحاب رواها عنه بطريقه إليه. 301
14 المسلك الثاني: في أحاديث تتعلق بمصالح الدين رواها جمال المحققين في بعض كتبه. 349
15 المسلك الثالث: في أحاديث رواها الشيخ محمد بن مكي في بعض مصنفاته تتعلق بأحوال الفقه. 380