عوالي اللئالي - ابن أبي جمهور الأحسائي - ج ١ - الصفحة ٥٥
ما فوقه هواء وما تحته هواء " (1) (2).

(1) قال بعض العلماء: ان حديث أبي رزين هذا مختلف فيه، وجاءت الرواة بألفاظ تستشنع، والنقلة له أعراب، وحماد بن سلمة، إنما رواه عن وكيع بن عدس، وهو غير معروف بين أهل الحديث وقد تكلم في تأويله بعض أهل اللغة، فقال: ان العماء، السحاب إن كان الحرف ممدودا وإن كان مقصورا، فإنه أراد في عما عن معرفة الناس، كما تقول:
عميت عن الشئ، وعن الاخر، فلان أعمى عن كذا، إذا أشكل عليه فلم يعرفه، وكل ما خفى عليك فهو عمى عليك.
ثم قال: وأما قوله: ما فوقه هواء وما تحته هواء، فقد رده قوم فيه، استيحاشا من أن يكون فوقه هواء وتحته هواء وهو يكون بينهما. والظاهر أن بذلك لا تزول الوحشة والذي سنح للفقير ان المراد من الحديث المعنى الثاني من العمى بالقصر، ضد البصر، ويراد به عدم المعرفة قبل خلق الآثار الظاهر بها، وفيها الآيات الدالة على معرفته تعالى ويؤيده الحديث القدسي: " كنت كنزا مخفيا فأحببت أن اعرف فخلقت الخلق لكي اعرف ".
وأما قوله: ما فوقه هواء وما تحته هواء فهذا هو المروى لنا، وهو إشارة إلى نفى كل شئ في تلك المرتبة وعبر عنه بالفوق والتحت، تقريبا إلى الأذهان وخصهما دون باقي الجهات، لان ما عداهما غير طبيعي، فإذا انتفيا، انتفى ما عداهما،. وفى ذلك إشارة إلى نفى الجهة بالكلية وإنما خص الهواء بإضافة الجهة إليه، لأنه أول الأشياء وجودا، بالنسبة إلى وجود الأجسام، لأن الماء حاملة الهواء، واليه الإشارة بقول أمير المؤمنين عليه السلام في بدء الايجاد: " ثم أنشأ سبحانه فتق الأجواء وشق الارجاء وسكامك الهواء " ويريد به الهواء الذي أجرى فيه الماء الذي كان منه بدو الايجاد، فنفى وجوده ثمة، ليدل على أنه لم يكن معه في تلك المرتبة شئ. ويؤيده قوله صلى الله عليه وآله: " كان الله ولا شئ معه، وكذلك هو الآن ".
ولهذا قال أهل الإشارة: ان مرتبة الأحدية، هي مرتبة العمائية التي لا يلزمها شئ من الصفات والأسماء والأفعال، فهي مرتبة العما، المشار إليه في الحديث، وتلك المرتبة لا يمكن العلم بها، ولا وصول العقول إليها، لعدم الطريق الموصل، فلما تنزل من تلك المرتبة إلى مرتبة الوحدانية، التي هي مرتبة الصفات والأسماء والأفعال، ظهرت المسميات والأفعال وحصل بواسطتها التمييز والمعرفة (معه).
(2) ورواه أحمد بن حنبل في ج 4 من مسنده في حديث أبي رزين العقيلي، لقيط بن عامر ص 12 وبقية الحديث (ثم خلق عرشه على الماء).
(٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 رسالة الردود والنقود على الكتاب والمؤلف مقدمة المؤلف وفيها فصول: 1
2 الفصل الأول: في كيفية اسناد المصنف وروايته لجميع ما ذكره من الأحاديث إلى المشايخ. 5
3 الفصل الثاني: في السبب الداعي إلى جمع هذه الأحاديث. 15
4 الفصل الثالث: فيما رواه بطريق الاسناد المتصل اسناده بطريق العنعنة دون الإجارة والمناولة. 21
5 الفصل الرابع: فيما رواه بطرقه المذكورة محذوفة الاسناد. 30
6 الفصل الخامس: في أحاديث تتعلق بمعالم الدين وجملة من الآداب. 81
7 الفصل السادس: في أحاديث أخرى من هذا الباب رواها بطريق واحد. 95
8 الفصل السابع: في أحاديث تتضمن مثل هذا السياق رواها بطريقها من مظانها 107
9 الفصل الثامن: في أحاديث تشتمل على كثير من الآداب ومعالم الدين روايتها تنتهي إلى النبي (ص). 128
10 الفصل التاسع: في أحاديث تتضمن شيئا من أبواب الفقه ذكرها بعض الأصحاب في بعض كتبه. 195
11 الفصل العاشر: في أحاديث تتضمن شيئا من الآداب الدينية. 246
12 الباب الأول ومنه أربعة مسالك: 299
13 المسلك الأول: في أحاديث ذكرها بعض متقدمي الأصحاب رواها عنه بطريقه إليه. 301
14 المسلك الثاني: في أحاديث تتعلق بمصالح الدين رواها جمال المحققين في بعض كتبه. 349
15 المسلك الثالث: في أحاديث رواها الشيخ محمد بن مكي في بعض مصنفاته تتعلق بأحوال الفقه. 380