فكيف أهتدي لوضع هذه النجوم والعلم بها إلا من معلم كان قبله، وهو الذي أسس هذا الحساب الذي زعمت أنه وضع علم النجوم وهي أساس المولود، فالأساس أقدم من المولود، والحكيم الذي زعمت أنه وضع علم النجوم على هذا إنما يتبع أمر معلم أقدم منه، وهو الذي خلقه مولودا ببعض هذه النجوم، وهو الذي أسس هذه البروج التي ولد بها غيره من الناس، فواضع الأساس ينبغي أن يكون أقدم منها وهب أن هذا الحكيم عمر مذ كانت الدنيا عشرة أضعاف، هل كان نظره في هذه النجوم إلا كنظرك إليها معلقة في السماء، أو تراه قادرا على الدنو منها وهي في السماء حتى يعرف منازلها ومجاريها وسعودها ونحوسها ودقايقها؟ وأيها تنكسف عن الشمس والقمر، وأيها يولد كل مولود عليها، وأيها السعد، وأيها النحس، وأيها السريع، وأيها البطئ، ثم يعرف بعد ذلك سعود ساعات النهار ونحوسها وأيها السعد وأيها النحس وكم ساعة يمكث كل نجم منها تحت الأرض، وفي أي ساعة يغيب وأي ساعة يطلع، وكم ساعة يمكث طالعا، وفي أي ساعة يغيب، وكم استقام لرجل حكيم كما زعمت من أهل الدنيا أن يعلم علم السماء مما لا يدرك بالحواس ولا يقع عليه الفكر، ولا يخطر على الأوهام، وكيف اهتدى أن يقيس الشمس، حتى يعرف في أي بزج هي، وفي أي برج القمر، وفي أي بروج السماء هذه السبع النحوس والسعود، وما الطالع منها والباطن، وهي معلقة في السماء، وهو من أهل الأرض لا ينظر إليها وقد غشيها ضوء
(١٤)