الشمس، إلا أن تزعم أن هذا الحكيم الذي وضع هذا العلم قد رقى في السماء، وأنا أشهد ان هذا العالم لم يقدر على هذا العلم إلا بمن في السماء لان هذا ليس من علم أهل الأرض، قال ما بلغني ان أحدا من أهل الأرض رقى إلى السماء، قلت فلعل هذا الحكيم رقى إلى السماء ولم يبلغك، قال ولو بلغني ما كنت مصدقا، قلت فانا أقولك قولك، فهبه رقى إلى السماء فهل كان له بد من أن يجري مع كل برج من هذه البروج ونجم من هذه النجوم من حيث يطلع إلى حيث يغيب ثم يعود إلى الآخر فيفعل مثل ذلك حتى يأتي على آخرها فان منها ما يقطع السماء في ثلاثين سنة ومنها ما يقطع في أقل من ذلك، وهل كان له بد من أن يحول في أقطار السماء حتى يعرف مطالع السعود منها والنحوس والبطئ والسريع حتى يحصي ذلك، وهبه قدر على ذلك حتى فرغ مما في السماء فهل كان يستقيم له حساب ما في السماء حتى يحكم حساب ما في الأرض وما تحتها وأن يعرف ذلك كما عاين ما في السماء، فلم يكن يقدر على حسابها ودقايقها وساعاتها إلا بمعرفة ساعات ما في الأرض منها، لأنه ينبغي أن يعرف أي ساعة من الليل يطلع طالعها وكم مكث تحت الأرض، وأي ساعة من النهار يغيب غائبها، لأنه لا يعاينها بالنهار ولا ما طلع منها ولا ما غاب عنها، ولابد من أن يكون العلم بها واحدا وإلا لم ينتفع بالحساب إلا أن تزعم أن ذلك الحكيم قد دخل في ظلمات الأرضين والبحار وسار مع النجوم والشمس والقمر في مجاريها على قدر ما سار في السماء
(١٥)