ثم الأنبياء والمرسلين ثم الملائكة كلهم أجمعين ثم الجبال ثم البحار ثم الرمال ثم الأشجار ثم الأمطار ثم جميع ما خلق الله تعالى فوزنهم النبي صلى الله عليه وآله فلم يعدلوه ورجح النبي بهم فلهذا قيل خير الخلق محمد صلى الله عليه وآله لأنه رجح بالخلق أجمعين وهذا كله يراه بين النوم واليقظة فقال له دردائيل يا محمد طوبى لك ولأمتك وحسن مآب والويل كل الويل لمن كفر بك ورد عليك حرفا مما ولا تأني به من عند ربك ثم عرجت الملائكة إلى السماء فاتت والله تلك الشجرة التي رآها في المنام على وصفها ونشرت أغصانها وخرجت أوراقها وأرسلت أثمارها بأمر الله تعالى وعليها كل ثمرة من لون واجتمع صفرة الشمس واختلطت بحمرة الورق والألوان مختلطة بعضها ببعض.
(قال الواقدي) فلما طال مكث النبي صلى الله عليه وآله طلبه في تلك المفاوز اخوته أولاد حليمة فلم يجدوه فرجعوا إلى حليمة وأعلموها بقصته فقامت ذاهلة العقل تصيح في حي بنى سعد فرفعت الصيحة في حي بني سعد ان محمدا قد فقد فقامت حليمة ومزقت أثوابها وخدشت خدها ونفشت شعرها وهي تعدو في البراري والمفاور والقفار حافية القدم والشوك يدخل في رجلها والدم يسيل منها وهي تنادي وا ولداه وا قرة عيناه وا ثمرة فؤاداي ومعها نساء بني سعد يبكين معها مكشفات الشعور مخدوشات الوجوه وحليمة تسقط مرة وتقوم أخرى وما بقي في الحي شيخ ولا شاب ولا حر ولا عبد إلا يعدو في البرية في طلب محمد صلى الله عليه وآله وهم يبكون كلهم بقلب محترق وركب عبد الله بن الحارث وركب معه آل بنى سعد وحلف إذا ما وجدت محمدا صلى الله عليه وآله الساعة وضعت سيفي في آل بني سعد وغطفان واقتلهم من آخرهم واطلب بدم محمد صلى الله عليه وآله وذهبت حليمة على حالتها مع نساء بنى سعد نحو مكة ودخلتها وكان عبد المطلب قاعدا عند أستار الكعبة مع رؤساء قريش وبنى هاشم فلما نظر إلى حليمة على تلك الحالة ارتعدت فرائصه وصاح ما الخبر فقالت حليمة اعلم أن محمدا قد فقدناه منذ أمس وقد تفرق آل سعد في طلبه