الاجر والعزاء ثم أدرجني في الكفن ولفنى ونادى أهلي وجيراني وقال هلموا إليه بالوداع فأقبلوا عند ذلك لوداعي فلما فرغوا من وداعي حملت على سرير من خشب والروح عند ذلك بين وجهي وكفني حتى وضعت الصلاة فصلوا علي فلما فرغوا من الصلاة حملت إلى قبري ودلت فيه فعاينت هولا عظيما يا سلمان يا عبد الله اعلم اني لما وقعت من سريري إلى لحدي تخيل لي اني قد سقطت من السماء إلى الأرض في لحدي وشرج علي اللبن وحثى التراب علي وواروني فعند ذلك سلبت الروح من اللسان وانقلب السمع والبصر فلما نادى المنادي بالانصراف اخذت في الندم وبكيت من القبر وضيقه وضغطه وقلت يا ليتني كنت من الراجعين لعملت عملا صالحا فجاوبني مجيب من جانب القبر (كلا انها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون) فقلت له من أنت يا هذا الذي يكلمني وتحدثني فقال انا منبه فقلت له من أنت يا منبه قال انا ملك وكلني الله عز وجل بجميع خلقه لا نبههم بعد مماتهم ليكتبوا أعمالهم على أنفسهم بين يدي الله عز وجل ثم جذبني وأجلسني وقال لي اكتب عملك فقلت انى لا أحصيه فقال لي اما سمعت قول ربكم (أحصاه الله ونسوه) ثم قال لي اكتب وانا املي عليك فقلت أين البياض فجذب جانبا من كفني فإذا هو رق فقال هذه صحيفتك فقلت من أين القلم قال سبابتك فقلت من أين المداد قال ريقك ثم املى علي ما فعلته في دار الدنيا فلم يبق من أعمالي صغيرة ولا كبيرة ثم تلا علي (لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما علموا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا) ثم إنه اخذ الكتاب وختمه بخاتم وطوقه في عنقي فخيل لي ان جبال الدنيا جميعا قد طوقوها في عنقي فقلت له يا منبه ولم تفعل بي هكذا قال ألم تسمع قول ربك (وكل انسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا) (اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا) فهذا تخاطب به يوم القيامة ويؤتى بك وبكتابك بين عينيك منشورا تشهد فيه على نفسك ثم انصرف
(٨٩)