فجذب الروح فليس من جذبة يجذبها إلا وهي تقوم مقام كل شدة من السماء إلى الأرض فلم يزل كذلك حتى صارت الروح في صدري ثم أشار إلي بجذبة لو أنها وضعت على الجبال لذابت فقبض روحي من عرنين أنفي فعلا من أهلي عند ذلك الصراخ وليس من شئ يقال ويفعل إلا وانا به عالم فعلا اشتد صراخ القوم و بكاؤهم جزعا علي التفت إليهم ملك الموت بغيظ وقنوط وقال معاشر القوم مم بكاؤكم فوالله ما ظلمناه فتشكوا ولا اعتدينا عليه فتضجوا وتبكوا ولكن نحن وأنتم عبيد رب واحد ولو أمرتم فينا كما أمرنا فيكم لامتثلتم فينا كما امتثلنا فيكم والله ما اخذناه حتى فنى رزقه وانقطعت مدته وصار إلى رب كريم يحكم فيه كما يشاء وهو على كل شئ قدير فان صبرتم اجرتم وإن جزعتم أثمتم كم لي من رجعة إليكم اخذ البنين والبنات والاباء والأمهات ثم انصرف عند ذلك عنى والروح معه فعند ذلك أتا ملك آخر فاخذها منه وتركها في ثوب اخضر من حرير وصعد بها ووضعها بين يدي الله في أقل من طبقة جفن على جفن فلما حصلت الروح بين يدي ربى سبحانه وتعالى سألها عن الصغيرة والكبيرة وعن الصلاة والصيام في شهر رمضان وحج بيت الله الحرام وقراءة القرآن والزكاة والصدقات وسائر الأوقات والأيام وطاعة الوالدين وعن قتل النفس بغير الحق واكل مال اليتيم وعن مظالم العباد وعن التهجد بالليل والناس نيام وما يشاكل ذلك ثم من بعد ذلك ردت الروح إلى الأرض بإذن الله تعالى فعند ذلك أتاني غاسل فجردني من أثوابي واخذ في تغسيلي فنادته الروح يا عبد الله رفقا بالبدن الضعيف فوالله ما خرجت من عرق إلا انقطع ولا عضو إلا انصدع فوالله لو سمع الغاسل ذلك القول لما غسل ميتا ابدا ثم إنه اجرى على الماء وغسلني ثلاثة أغسال وكفنني في ثلاث أثواب وحنطني في حنوط وهو الزاد الذي خرجت به إلى دار الآخرة ثم جذب الخاتم من يدي اليمن بعد فراغه من الغسل ودفعه إلى الأكبر من ولدى وقال آجرك الله تعالى في أبيك وأحسن لك
(٨٨)