كان يصلى بهم على رسمه، وكان قد بلغ مسجد خركاه تراشان فدخل فيه وصلى تحت عباية فيه، ثم لبس الموزج وركب وانصرف فاختلف أمر الناس ولم ينظم في صلاتهم. وقال البحري:
ذكروا بطلعتك النبي فهللوا * لما طلعت من الصفوف وكبروا حتى انتهيت إلى المصلى لابسا * نور الهدى يبدو عليك فيظهر ومشيت مشية خاشع متواضع * لله لا يزهى ولا يتكبر ولو أن مشتاقا تكلف غير ما * في وسعه لمشى إليك المنبر وأنشأ الرضا عليه السلام:
إذا كان من دوني بليت بجهله * أبيت لنفسي ان أقابل بالجهل وإن كان مثلي في محلي من النهى * اخذت بحلمي كي أجل عن المثل وإن كنت أدنى منه في الفضل والحجى * عرفت له حق التقدم والفضل وله عليه السلام:
وذي غيلة سالمته فقهرته * فأوقرته مني بعفو التحمل ولم أر للأشياء أسرع مهلكا * لغمر قديم من وداد معجل هرثمة بن أعين قال: كنت ليلة بين يدي المأمون حتى مضى من الليل أربع ساعات ثم أذن لي في الانصراف فانصرفت، فلما مضى من الليل نصفه قرع قارع الباب فأجابه بعض غلماني فقال: قل لهرثمة أجب سيدك، قال: فقمت مسرعا واخذت على أثوابي وأسرعت إلى سيدي الرضا (ع) فدخل الغلام بين يدي ودخلت ورائه فإذا انا بسيدي في صحن داره جالس فقال: يا هرثمة، فقلت: لبيك يا مولاي، فقال لي: اجلس، فجلست، فقال لي: اسمع وع يا هرثمة هذا أو ان رحيلي إلى الله تعالى ولحوقي بجدي وآبائي وقد بلغ الكتاب أجله وعزم هذا الطاغي على سمي في عنب في ورمان مفروك، فاما العنب فإنه يغمس بالسلك في السم ويجذبه بالخيط في العنب ليخفى، واما الرمان فإنه يطرح السم في كف غلمته ويفرك الرمان بيده ليلطخ حبه في ذلك وانه سيدعوني في يومي هذا المقبل ويقرب إلي الرمان والعنب ويسألني أكلهما فآكلهما ثم ينفذ الحكم ويحضر القضاة فإذا انا مت فسيقول المأمون انا اغسله بيدي فإذا قال ذلك فقل له عني بينك وبينه أنه قال لي قل لا نتعرض لغسلي ولا لتكفيني ولا لدفني فإنه ان فعل ذلك عاجله من العذاب ما أخر عنه وحل به اليوم ما يحذر فإنه سينتهي، قال: قلت نعم يا سيدي، ثم قال لي: فإذا خلى بينك وبين غسلي فسيجلس