مناقب آل أبي طالب - ابن شهر آشوب - ج ٣ - الصفحة ٤٦٠
حتى دخلوا على باب المأمون فقال: ما الذي صنعتم؟ فقالوا: الذي أمرتنا به يا أمير المؤمنين فقال: أيكم كان المسرع إليه؟ فقالوا بأجمعهم: صبيح الديلمي، فقال: لا والله ما مددت إليه يدا، فجزاني خيرا وقربني إليه ثم قال: لا تعيدوا علي الذي فعلتم فتبخسوا جعلكم وتتعجلوا الفناء وتخسروا الآخرة والأولى. فلما كان في بلج الفجر خرج المأمون فجلس في مجلسه مكشوف الرأس محلل الازرار وأظهر وفاته وقعد للتعزية فقبل أن يصل الناس إليه قام قائما يمشي إلى الدار فينظر إليه وأنا بين يديه فلما دخل في حجرته (ع) سمع همهمة فأراعه ثم قال: من عنده؟ فقلنا: لا علم لنا يا أمير المؤمنين فقال: أسرعوا وانظروا، قال صبيح: فأسرعت إلى البيت فإذا أنا بسيدي جالس في محرابه يصلي ويسبح، فانتفض المأمون وأرعد ثم قال: غررتموني لعنكم الله، ثم التفت إلي من بين الجماعة فقال لي: يا صبيح أنت تعرفه فانظر من المصلي عنده؟ قال صبيح: وتولى المأمون راجعا فلما صرت بعتبة الباب قال لي: يا صبيح، قلت: لبيك يأموي وسقطت لوجهي، فقال: قم يرحمك الله فارجع وقال (يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون)، فرجعت إلى المأمون وحكيت له فانتعل وتعمم ثم قال: اغلقوا علي الأبواب وافتحوا عليه وقولوا كانت البارحة غشي على الرضا. قال هرثمة: فرآني الرضا (ع) فقال: لا يضرنا كيدهم شيئا حتى يبلغ الكتاب أجله، ونهاني عن إفشاء قول صبيح.
أبو العباس الصولي يخاطب علي بن موسى الرضا (ع) ويفضله على المأمون:
كفى بفعال امرئ عالم * على أهله عادلا شاهدا يرى لهم طارقا مونقا * ولا يشبه الطارق التالدا يمن عليكم بأموالكم * وتعطون من مائة واحدا فلا يحمد الله مستنصرا * يكون لأعدائكم حامدا فضلت قسيمك في قعدد * كما فضل الوالد الوالدا وكان الرضا (ع) والمأمون يجتمعان في الأب الثامن من عبد المطلب كان يقول فضل أبوك علي أباه عبد الله بن عباس. قال أبو بكر الخوارزمي:
يا هارون من أمره بدعة * جاورت قبرا قربه رفعة تريد أن تفلح من أجله * لن تدخل الجنة بالشفعة وقال ابن حماد:
ساقها شوقي إلى طوس * ومن تحويه طوس
(٤٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 455 456 457 458 459 460 461 462 463 464 465 ... » »»
الفهرست