مناقب آل أبي طالب - ابن شهر آشوب - ج ٣ - الصفحة ٤٥٧
للهرب فما شعرت إلا بشاجرد الحجام قد رماه من بعض أعالي السطوح بلبنة ثقيله أسقطت عن رأسه بيضته بعد أن شقت جلدة هامته، فقال بعض من عرف المأمون:
ويلك أمير المؤمنين، فسمعت سمانة فقالت: اسكت لا أم لك ليس هذا يوم التمييز والمحاباة ولا يوم انزال الناس على طبقاتهم ومقاديرهم فلو كان هذا أمير المؤمنين لما سلط ذكور الفجار على فروج الابكار، وطرد المأمون أسوء طرد بعد اذلال واستخفاف شديد ونهبوا أمواله، فصلب المأمون أربعين غلاما واسلا دهقان مرو وأمر أن يطول جدرانهم، وعلم أن ذلك من استخفاف الرضا (ع) فانصرف ودخل عليه وحلفه أن لا يقوم له وقبل رأسه وجلس بين يديه وقال: لم تطب نفسي بعد مع هؤلاء فما ترى؟ فقال الرضا (ع): إتق الله في أمة محمد وما ولاك من هذا الامر وخصك به فإنك قد ضيعت أمور المسلمين وفوضت ذلك إلى غيرك يحكم فيها بغير حكم الله عز وجل وقعدت في هذه البلاد وتركت دار الهجرة ومهبط الوحي وان المهاجرين والأنصار يظلمون دونك ولا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة ويأتي على المظلوم دهر يتعب فيه نفسه ويعجز عن نفقته فلا يجد من يشكو إليه حاله ولا يصل إليه فاتق الله يا أمير المؤمنين في أمور المسلمين وارجع إلى بيت النبوة ومعدن الرسالة وموضع المهاجرين والأنصار أما علمت يا أمير المؤمنين ان والي المسلمين مثل العمود في وسط الفسطاط من أراده أخذه، فقال: نعم ما قلت يا سيدي هذا هو الرأي، وخرج يجهز للرحيل وأتاه ذو الرياستين وقالت: قتلت أمس أخاك وأظهرت اليوم عقد الرضا وأخرجت الخلافة من بني العباس أفترضي الناس عنك وههنا في حبسك أولياء أبيك نحو علي بن عمران وابن مؤنس والجلودي وكانوا لم يدخلوا في عهد الرضا، فامر بإحضار المحبوسين واحدا بعد واحد فادخل عليه ابن عمران فخاض في عقده للرضا فأمر بقتله، وثنى بابن مؤنس بعد هجره في الرضا، فلما ادخل الجلودي قال الرضا (ع) من كرمه: هبني هذا. وكان أغار ذلك في دور آل أبي طالب وقت خروج محمد بن أبي طالب وعرى نساهم، فقال: يا أمير المؤمنين بالله لا تصغ إلى مقاله في، قال: نعم وأمر بقتله، فاغتم بذلك ذو الرياستين، فقال المأمون لتسليته: اكتب حجة لك أن لا أعز لك ما دمت حيا، وكتب بما شاء فوقع عليه أمير المؤمنين المأمون واستأذنه في توقيع الرضا (ع) فقال: انه لا يكتب، فأتاه واستدعاه للتوقع فأبى فكان ذو الرياستين يخلط على الرضا عليه السلام ويغيظ المأمون ويكتب إلى بغداد بأحواله فبويع إبراهيم بن المهدي، وفيه قال دعبل:
(٤٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 452 453 454 455 456 457 458 459 460 461 462 ... » »»
الفهرست