مناقب آل أبي طالب - ابن شهر آشوب - ج ٣ - الصفحة ٤٥٠
لي وآذاني، فلما مضى عني مررت من وجهي إلى صريا ليكلمه أبو الحسن (ع) في أمري، فدخلت عليه فإذا المائدة بين يديه فقال لي: كل، فأكلت فلما رفعت المائدة أقبل يحادثني ثم قال: ارفع ما تحت ذاك المصلى، فإذا هي ثلاثمائة دينار وتزيد، فإذا فيها دينار مكتوب عليه ثابت فيه: لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وعلى أهل بيته، من جانب وفي الجانب الآخر: انا لم ننساك فخذ هذه الدنانير فاقض بها دينك وانفق ما بقي على عيالك.
وفي كتاب الشعر انه كان (ع) يتمثل:
تضئ كضوء السراج السليط * لم يجعل الله فيه نحاسا ولما دخل دعبل بن علي الخزاعي على الرضا (ع) وأنشده:
مدارس آيات خلت من تلاوة * ومنزل وحي مقفر العرصات قيل: له لم تركت التشبيب؟ قال: استحييت من الامام، فلما بلغ إلى قوله:
أرى فيئهم في غيرهم متقسما * وأيديهم من فيئهم صفرات بكى عليه السلام وقال له: صدقت يا خزاعي. فلما بلغ إلى قوله:
إذا وتروا مدوا إلى واتريهم * أكفا عن الأوتار منقبضات جعل الرضا يقلب كفيه ويقول: أجل الله منقبضات. فلما بلغ إلى قوله:
لقد خفت في الدنيا وأيام سعيها * وانى لأرجو الامن بعد وفاتي قال الرضا: آمنك الله يوم الفزع الأكبر. فلما انتهى إلى قوله:
وقبر ببغداد لنفس زكية قال الرضا عليه السلام: أفلا ألحق لك بهذا الموضع بيتين بهما تمام قصيدتك؟ قال: بلى يا ابن رسول الله، فقال (ع):
وقبر بطوس يا لها من مصيبة * ألحت على الأحشاء بالزفرات إلى الحشر حتى يبعث الله قائما * يفرج عنا الهم والكربات فقال دعبل: يا ابن رسول الله هذا الذي بطوس قبر من هو! قال: قبري ولا تنقضي الأيام والليالي حتى تصير طوس مختلف شيعتي وزواري. فلما انتهى إلى قوله:
خروج إمام لا محالة خارج * يقوم على اسم الله والبركات يميز فينا كل حق وباطل * ويجزي على النعماء والنقمات قال الرضا: يا خزاعي نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين. وفي رواية:
رزقك الله رؤيته وحشرك في زمرته. قال: فحباه بمائة دينار فرد الصرة وسأل ثوبا
(٤٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 445 446 447 448 449 450 451 452 453 454 455 ... » »»
الفهرست