مناقب آل أبي طالب - ابن شهر آشوب - ج ٣ - الصفحة ٤٤٠
أما علمت أن في الأرض خليفتين يجبى إليهما الخراج؟ فقال الرشيد: ويلك أنا ومن؟
قال: موسى بن جعفر. وأظهر أسراره، فقبض عليه وحظي محمد عند الرشيد، ودعا عليه موسى الكاظم بدعاء استجابه الله فيه وفي أولاده.
وفي رواية انه جاء محمد بن إسماعيل إليه عليه السلام واستأذن منه فأذن له، فقال يا عم أحب ان توصيني، فقال: أوصيك أن تتقي الله في دمي. وأعطاه صرة أخرى وصرة أخرى وأمر له بألف وخمسمائة درهم، فجاء محمد بن إسماعيل إلى الرشيد فدخل عليه وسعى بعمه فأمر له بمائة ألف درهم، فلما قبضها دخل إلى منزله فأخذته الذبحة في جوف ليلته فمات.
وروي انه لما دخل الرشيد إلى المدينة أمر بقبض موسى بن جعفر وكان قائما يصلي عند رأس النبي صلى الله عليه وآله فقطع عليه صلاته وحمل وهو يبكي ويقول: إليك أشكو يا رسول الله. وقيد واستدعى قبتين فجعله في أحدهما وخرج البغلان من داره ومع كل واحد منهما خيل فأخذوا واحدة على طريق البصرة والأخرى على طريق الكوفة وكان أبو الحسن في التي على طريق البصرة وأمرهم بتسليمه إلى عيسى بن جعفر بن المنصور فحسبه عنده سنة، فكتب عيسى إلى الرشيد: قد طال أمر موسى ومقامه في حبسي وقد اختبرت حاله ووضعت من يسمع منه ما يقول فما دعا عليك ولا علي بسوء ما يدعو لنفسه إلا بالمغفرة فان أنفذت إلي من يتسلمه مني وإلا خليت سبيله فإنني متحرج من حبسه. فوجه الرشيد من يتسلمه من عيسى وصير به إلى بغداد فسلم إلى الفضل بن الربيع يقتله فأبى، فأمر بتسليمه إلى الفضل بن يحيى فوسع عليه الفضل وأكرمه، فوجه إليه مسرور الخادم ليتعرف حاله فحكى كما كان، فأمر السندي وعباس ابن محمد بضرب الفضل، فضربه السندي بين يديه مائة سوط. وأخبر الرشيد بذلك فقال: أيها الناس ان الفضل بن يحيى قد عصاني وخالف طاعتي فالعنوه. فلعنه الناس من كل جانب، فاستدبر يحيى بن خالد وقال: ان الفضل حدث وأنا أكفيك ما تريد، فقال الرشيد: ألا ان الفضل قد تاب وأناب إلى طاعتي فتولوه. ثم خرج يحيى إلى بغداد، فدعا السندي فأمره بأمره فامتثله وجعل سما في طعام فقدمه إليه.
وقال أحمد بن عبد الله: لما نقل الكاظم (ع) من دار الفضل بن الربيع إلى الفضل ابن يحيى البرمكي كان ابن الربيع يبعث إليه في كل ليلة مائدة ومنع ان يدخل من عند غيره حتى مضى ثلاثة أيام فلما كانت الليلة الرابعة قدمت إليه مائدة البرمكي قال:
فرفع رأسه إلى السماء فقال: يا رب انك تعلم اني لو أكلت قبل اليوم كنت أعنت على
(٤٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 435 436 437 438 439 440 441 442 443 444 445 ... » »»
الفهرست