مناقب آل أبي طالب - ابن شهر آشوب - ج ٣ - الصفحة ٤٤١
نفسي. قال: فأكل فمرض، فلما كان من الغد بعث إليه بالطبيب، فقال (ع): هذه علتي. وكانت خضرة في وسط راحته تدل على أنه سم. فانصرف إليهم وقال: والله لهو أعلم بما فعلتم به منكم. ثم توفي.
وفي رواية الحسن بن محمد بن بشار ان السندي بن شاهك جمع ثمانين رجلا من الوجوه وأدخلهم على موسى بن جعفر وقال: يا هؤلاء انظروا إلى هذا الرجل هل حدث به حدث وهذا منزله وفرشه موسع عليه، فقال (ع): أما ما ذكرت من التوسعة وما أشبه ذلك فهو على ما ذكر غير اني أخبرك أيها النفر اني سقيت السم في تسع تمرات وأنا أخضر غدا وبعد غد أموت. وفي رواية غيره أنه قال (ع) يا فلان وفلان اني سقيت السم في يومي هذا وفي غد يصفر بدني وبعد غد يسود وأموت.
وفي كتاب الأنوار أنه قال (ع) للمسيب: إذا دعا لي بشربة من ماء فشربتها ورأيتني قد انتفخ بطني واصفر لوني وتلوين أعضائي فهي وفاتي. وروي أنه قال للمسيب: ذا الرجس ابن شاهك يقول إنه يتولى أمري ويدفنني هيهات أن يكون ذلك أبدا. ووجدت شخصا جالسا على يمينه، فلما قضى غاب الشخص، ثم أوصلت الخبر إلى الرشيد فوافى السندي يظن أنه يفعل ذلك وهو مغسل مكفن محنط، فحمل حتى دفن في مقابر قريش.
ولما مات أخرجه السندي ووضعه على الجسر ببغداد ونودي: هذا موسى بن جعفر الذي تزعم الرافضة انه لا يموت فانظروا إليه. وإنما قال ذلك لاعتقاد الواقفة انه القائم وجعلوا حبسه غيبة القائم، فنفر بالسندي فرسه نفرة وألقاه في الماء فغرق فيه وفرق الله جموع يحيى بن خالد. وقيل: إن سليمان بن جعفر بن أبي جعفر المنصور كان ذات يوم جالسا في دهليزه في يوم مطر إذ مرت جنازته (ع) فقال: سلوا هذه جنازة من؟
فقيل: هذا موسى بن جعفر مات في الحبس فأمر الرشيد أن يدفن بحاله. فقال سليمان موسى بن جعفر يدفن هكذا! فان في الدنيا من كان يخاف على الملك في الآخرة لا يوفي حقه. فأمر سليمان غلمانه بتجهيزه وكفنه بكفن فيه حبرة استعملت له بألفين وخمسمائة دينار مكتوب عليها القرآن كله ومشى حافيا ودفنه في مقابر قريش. قال القاضي:
وهارونكم أردى بغير جريرة * نجوم تقى مثل النجوم الكواكب ومأمونكم سم الرضا بعد بيعة * فآدت له شم الجبال الرواسب * * * أتقتل يا ابن الشفيع المطاع * ويا ابن المصابيح الغرر
(٤٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 436 437 438 439 440 441 442 443 444 445 446 ... » »»
الفهرست