مناقب آل أبي طالب - ابن شهر آشوب - ج ٣ - الصفحة ٤٢٩
من التراب وجعل رزقها وعيشها منه فإذا فارق الجنين أمه لم تزقه ولم ترضعه وكان عيشها من التراب، فقال هارون: والله ما ابتلي أحد بمثل هذه المسألة. واخذ الاعرابي البدرتين وخرج، فتبعه بعض الناس وسأله عن اسمه فإذا هو موسى بن جعفر ابن محمد (ع)، فأخبر هارون بذلك فقال: والله لقدر كنت أن تكون هذه الورقة من تلك الشجرة.
وروى ابن بابويه فيمن لا يحضره الفقيه: ان أبا يوسف أمره الرشيد بسؤال موسى بن جعفر قال: ما تقول في التظليل للمحرم؟ قال: لا يصلح، قال: فيضرب الخباء في الأرض ويدخل البيت؟ قال: نعم، قال: فما الفرق بين الموضعين؟ قال أبو الحسن: ما تقول في الطامث أتقضي الصلاة؟ قال: لا، قال: فتقضي الصوم؟
قال: نعم، قال: ولم؟ قال: هكذا جاء، قال أبو الحسن: وهكذا جاء هذا، فقال المهدي لأبي يوسف: ما أراك صنعت شيئا، قال: رماني من حجر دامغ.
وروي من وجه آخر ان محمد بن الحسن سأله عنها فأجابه بما أجاب قال: فتضاحك محمد من ذلك، فقال أبو الحسن: أتعجب من سنة رسول الله وتستهزئ ان رسول الله كشف ظلاله في احرامه ومضى تحت الظلال وهو محرم ان أحكام الله لا تقاس من قاس بعضها على بعض فقد ضل عن سواء السبيل.
وقال أبو حنيفة: رأيت موسى بن جعفر وهو صغير السن في دهليز أبيه فقلت:
أين يحدث الغريب منكم إذا أراد ذلك؟ فنظر إلي ثم قال: يتوارى خلف الجدار ويتوقى أعين الجار ويتجنب شطوط الأنهار ومساقط الثمار وأفنية الدور والطرق النافذة والمساجد ولا يستقبل القبلة ولا يستدبرها ويرفع ويضع بعد ذلك حيث شاء.
قال: فلما سمعت هذا القول منه نبل في عيني وعظم في قلبي، فقلت له: جعلت فداك ممن المعصية؟ فنظر إلي ثم قال: اجلس حتى أخبرك، فجلست فقال: ان المعصية لا بد أن تكون من العبد أو من ربه أو منهما جميعا، فان كانت من الله تعالى فهو اعدل وانصف من أن يظلم عبده ويأخذه بما لم يفعله، وإن كانت منهما فهو شريكه والقوي أولى بانصاف الضعيف، وإن كانت من العبد وحده فعليه وقع الامر واليه توجه النهي وله حق الثواب والعقاب ووجبت الجنة والنار، فقلت: (ذرية بعضها من بعض) الآية.
وسأل علي بن جعفر أخاه (ع) عن المحرم إذا اضطر إلى أكل الصيد أو الميتة فقال: يأكل الصيد، فقلت: ان الله عز وجل حرم الصيد، فقال: ان الله عز وجل
(٤٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 424 425 426 427 428 429 430 431 432 433 434 ... » »»
الفهرست