عن رده، إن من استطاع أن يخلق خلقا وينفخ فيه روحا حتى يمشي على رجليه سويا، يقدر أن يدفع عنه الفساد.
قال: فما تقول في علم النجوم؟
قال: هو علم قلت منافعه، وكثرت مضراته، لأنه لا يدفع به المقدور، ولا يتقى به المحذور، إن خبر المنجم بالبلاء لم ينجه التحرز من القضاء، وإن أخبر هو بخير لم يستطع تعجيله، وإن حدث به سوء لم يمكنه صرفه، والمنجم يضاد الله في علمه، بزعمه أن يرد قضاء الله عن خلقه.
قال: فالرسول أفضل أم الملك المرسل إليه؟
قال: بل الرسول أفضل.
قال: فما علة الملائكة الموكلين بعباده، يكتبون عليهم ولهم، والله عالم السر وما هو أخفى، قال: استعبدهم بذلك، وجعلهم شهودا على خلقه، ليكون العباد لملازمتهم إياهم أشد على طاعة الله مواظبة، وعن معصيته أشد انقباضا، وكم من عبد يهم بمعصيته فذكر مكانهما فارعوى وكف، فيقول ربي يراني، وحفظتي علي بذلك تشهد، وأن الله برأفته ولطفه أيضا وكلهم بعباده، يذبون عنهم مردة الشيطان، وهوام الأرض، وآفات كثيرة من حيث لا يرون بإذن الله إلى أن يجئ أمر الله.
قال: فخلق الخلق للرحمة أم للعذاب؟
قال: خلقهم للرحمة، وكان في علمه قبل خلقه إياهم، أن قوما منهم يصيرون إلى عذابه بأعمالهم الردية، وجحدهم به.
قال: يعذب من أنكر فاستوجب عذابه بإنكاره، فبم يعذب من وحده وعرفه؟
قال: يعذب المنكر لإلهيته عذاب الأبد، ويعذب المقر به عذاب عقوبة لمعصيته إياه فيما فرض عليه، ثم يخرج، ولا يظلم ربك أحدا.
قال: فبين الكفر والإيمان منزلة؟
قال عليه السلام: لا.