من دون الله عز وجل، ولما عرف فضل صبرهم على البلاء والمحن والاختيار، ولكنه جعل أحوالهم في ذلك كأحوال غيرهم، ليكونوا في حال المحنة والبلوى صابرين وفي حال العافية والظهور على الأعداء شاكرين، ويكونوا في جميع أحوالهم متواضعين غير شامخين ولا متجبرين، وليعلم العباد أن لهم عليهم السلام إلها هو خالقهم ومدبرهم فيعبدوه ويطيعوا رسله، وتكون حجة الله ثابتة على من تجاوز الحد فيهم، وادعى لهم الربوبية، أو عاند وخالف، وعصى وجحد، بما أتت به الأنبياء والرسل، وليهلك من هلك عن بينة، ويحيى من حي عن بينة.
قال محمد بن إبراهيم بن إسحاق (ره): فعدت إلى الشيخ أبي القاسم الحسين ابن روح (ره) في الغد وأنا أقول في نفسي: أتراه ذكر لنا ما ذكر يوم أمس من عند نفسه فابتدأني وقال: يا محمد بن إبراهيم لئن أخر من السماء فتختطفني الطير أو تهوي بي الريح في مكان سحيق أحب إلي من أن أقول في دين الله برأيي، ومن عند نفسي، بل ذلك عن الأصل، ومسموع من الحجة صلوات الله عليه وسلامه.
ومما خرج عن صاحب الزمان صلوات الله عليه، ردا على الغلاة من التوقيع جوابا لكتاب كتب إليه على يدي محمد بن علي بن هلال الكرخي.
يا محمد بن علي تعالى الله وجل عما يصفون، سبحانه وبحمده، ليس نحن شركاؤه في علمه ولا في قدرته، بل لا يعلم الغيب غيره، كما قال في محكم كتابه تباركت أسماؤه: (قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله) (1).
وأنا وجميع آبائي من الأولين: آدم ونوح وإبراهيم وموسى، وغيرهم من النبيين، ومن الآخرين محمد رسول الله، وعلي بن أبي طالب، وغيرهم ممن مضى من الأئمة صلوات الله عليهم أجمعين، إلى مبلغ أيامي ومنتهى عصري، عبيد الله عز وجل يقول الله عز وجل: (من أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى * قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا * قال كذلك أتتك آياتنا