قتل ثلاثمائة نبي، وكانت المجوس لا تغتسل من الجنابة، والعرب كانت تغتسل والاغتسال من خالص شرايع الحنيفية، وكانت المجوس لا تختن، وهو من سنن الأنبياء، وأول من فعل ذلك إبراهيم خليل الله، وكانت المجوس لا تغسل موتاها ولا تكفنها، وكانت العرب تفعل ذلك، وكانت المجوس ترمي الموتى في الصحارى والنواويس، والعرب تواريها في قبورها وتلحدها، وكذلك السنة على الرسل، إن أول من حفر له قبر آدم أبو البشر، وألحد له لحد، وكانت المجوس تأتي الأمهات وتنكح البنات والأخوات، وحرمت ذلك العرب، وأنكرت المجوس بيت الله الحرام وسمته بيت الشيطان، والعرب كانت تحجه وتعظمه، وتقول: بيت ربنا، وتقر بالتوراة والإنجيل، وتسأل أهل الكتب وتأخذ، وكانت العرب في كل الأسباب أقرب إلى الدين الحنيفية من المجوس.
قال: فإنهم احتجوا بإتيان الأخوات أنها سنة من آدم.
قال: فما حجتهم في إتيان البنات والأمهات، وقد حرم ذلك آدم، وكذلك نوح وإبراهيم وموسى وعيسى، وسائر الأنبياء، وكل ما جاء عن الله عز وجل.
قال: ولم حرم الله الخمر ولا لذة أفضل منها؟
قال: حرمها لأنها أم الخبائث، وأس كل شر، يأتي على شاربها ساعة يسلب لبه، ولا يعرف ربه، ولا يترك معصية إلا ركبها، ولا حرمة إلا انتهكها ولا رحم ماسة إلا قطعها، ولا فاحشة إلا أتاها، والسكران زمامه بيد الشيطان، إن أمره أن يسجد للأوثان سجد، وينقاد حيث ما قاده.
قال: فلم حرم الدم المسفوح؟
قال: لأنه يورث القساوة، ويسلب الفؤاد رحمته، ويعفن البدن ويغير اللون وأكثر ما يصيب الإنسان الجذام يكون من أكل الدم.
قال: فأكل الغدد؟
قال: يورث الجذام.
قال: فالميتة لم حرمها؟