تصغر إليه نفسه، وتذكر أباه بأسوء فعله وآثاره.
فقال: كلا أرأيتما لو أني أردت أن أعيب عليا محقا ما عسيت أن أقول، إن مثلي لا يحسن به أن يعيب بالباطل، وما لا يعرف الناس، ومتى عبت رجلا بما لا يعرف لم يحفل به صاحبه ولم يره شيئا، وما عسيت أن أعيب حسينا، وما أرى للعيب فيه موضعا إلا أني قد أردت أن أكتب إليه وأتوعده وأهدده، وأجهله ثم رأيت لا أفعل.
قال: فما كتب إليه بشئ يسوءه، ولا قطع عنه شيئا كان يصله به، كان يبعث إليه في كل سنة ألف ألف درهم سوى عروض وهدايا من كل ضرب.
احتجاجه صلوات الله عليه بإمامته على معاوية وغيره وذكر طرف من مفاخراته ومشاجراته التي جرت له مع معاوية وأصحابه.
عن موسى بن عقبة (1) أنه قال: لقد قيل لمعاوية: إن الناس قد رموا أبصارهم إلى الحسين عليه السلام، فلو قد أمرته يصعد المنبر ويخطب فإن فيه حصرا أو في لسانه كلالة.
فقال لهم معاوية: قد ظننا ذلك بالحسن، فلم يزل حتى عظم في أعين الناس وفضحنا، فلم يزالوا به حتى قال للحسين: يا أبا عبد الله لو صعدت المنبر فخطبت.
فصعد الحسين عليه السلام على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على النبي صلى الله عليه وآله فسمع رجلا يقول:
من هذا الذي يخطب؟
فقال الحسين عليه السلام: نحن حزب الله الغالبون، وعترة رسول الله صلى الله عليه وآله الأقربون، وأهل بيته الطيبون، واحد الثقلين اللذين جعلنا رسول الله صلى الله عليه وآله ثاني كتاب الله تبارك وتعالى، الذي فيه تفصيل كل شئ، لا يأتيه الباطل من بين يديه .