فقال: إنك لم تكن ثم كنت، وقد علمت أنك لم تكون نفسك، ولا كونك من هو مثلك.
وعن محمد بن عبد الله الخراساني (1) خادم الرضا عليه السلام قال: دخل رجل من الزنادقة على الرضا عليه السلام وعنده جماعة.
فقال له أبو الحسن: أرأيت إن كان القول قولكم - وليس هو كما تقولون - ألسنا وإياكم شرعا سواء، ولا يضرنا ما صلينا وصمنا وزكينا وأقررنا؟
فسكت. فقال أبو الحسن: وإن لم يكن القول قولنا، وهو كما نقول، ألستم قد هلكتم ونجونا.
قال الزنديق: رحمك الله فأوجدني كيف هو، وأين هو؟
قال: ويلك! إن الذي ذهبت إليه غلط، وهو أين الأين، وكان ولا أين، وهو كيف الكيف، وكان ولا كيف، ولا يعرف بكيفوفية، ولا بأينونية، ولا يدرك بحاسة، ولا يقاس بشئ.
قال الرجل: فإذن إنه لا شئ، إذ لم يدرك بحاسة من الحواس.
فقال أبو الحسن: ويلك! لما عجزت حواسك عن إدراكه أنكرت ربوبيته ونحن إذا عجزت حواسنا عن إدراكه أيقنا أنه ربنا، وأنه شئ بخلاف الأشياء.
قال الرجل: فأخبرني متى كان؟
قال أبو الحسن عليه السلام: أخبرني متى لم يكن، فأخبرك متى كان؟!
قال الرجل: فما الدليل عليه؟
قال أبو الحسن: أني لما نظرت إلى جسدي فلم يمكني فيه زيادة ولا نقصان في العرض والطول، ودفع المكاره عنه، وجر المنفعة إليه، علمت أن لهذا البنيان بانيا فأقررت به، مع ما أرى من دوران الفلك بقدرته. وإنشاء السحاب، وتصريف الرياح، ومجرى الشمس والقمر والنجوم، وغير ذلك من الآيات العجيبات