وراء وجد له أمام، ولالتمس التمام إذ لزمه النقصان، وكيف يستحق الأزل من لا يمتنع من الحدث، أم كيف ينشئ الأشياء من لا يمتنع من الانشاء، إذا لقامت عليه آية المصنوع، ولتحول دليلا بعد ما كان مدلولا عليه، ليس في محال القول حجة، ولا في المسألة عنه جواب، ولا في معناه لله تعظيم، ولا في إبانته عن الحق ضيم إلا بامتناع الأزلي أن يثنى، ولما بدئ له أن يبدئ لا إله إلا الله العلي العظيم، كذب العادلون بالله وضلوا ضلالا بعيدا، وخسروا خسرانا مبينا، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.
وروي عن الحسن بن محمد النوفلي (1): أنه كان يقول: قدم سليمان المروزي متكلم خراسان على المأمون فأكرمه ووصله، ثم قال له: إن ابن عمي علي بن موسى الرضا قدم علي من الحجاز - يحب الكلام - وأصحابه، فعليك أن تصير إلينا يوم التروية لمناظرته.
فقال سليمان: يا أمير المؤمنين أني أكره أن أسأل مثله في مجلسك في جماعة من بني هاشم، فينتقص عند القوم إذا كلمني ولا يجوز الاستقصاء عليه.
قال المأمون: إنما وجهت إليك لمعرفتي بقوتك، وليس مرادي إلا أن تقطعه عن حجة واحدة فقط.
فقال سليمان: حسبك يا أمير المؤمنين! إجمع بيني وبينه، وخلني وإياه.
فوجه المأمون إلى الرضا عليه السلام، فقال له: إنه قدم علينا رجل من أهل المرو، وهو واحد خراسان من أصحاب الكلام، فإن خف عليك أن تتجشم المصير إلينا فعلت.
فنهض عليه السلام للوضوء ثم حضر مجلس المأمون، وجرى بينه وبين سليمان المروزي كلام في البداء بمعنى الظهور، لتغير المصلحة، واستشهد عليه السلام بآي كثيرة