علي بما أذكره، ولي عليكم بما أقوله، إذا اجتمعنا اليوم الذي لا ريب فيه، ويسألنا عما نحن فيه مختلفون.
وأنه لم يجعل لصاحب الكتاب على المكتوب إليه ولا عليك ولا على أحد من الخلق جميعا إمامة مفترضة، ولا طاعة ولا ذمة، وسأبين لكم جملة تكتفون بها إن شاء الله.
يا هذا يرحمك الله! إن الله تعالى لم يخلق الخلق عبثا، ولا أهملهم سدى، بل خلقهم بقدرته، وجعل لهم أسماعا وأبصارا وقلوبا وألبا، ثم بعث النبيين عليهم السلام مبشرين ومنذرين، يأمرونهم بطاعته وينهونهم عن معصيته، ويعرفونه ما جهلوه من أمر خالقهم ودينهم، وأنزل عليهم كتابا وبعث إليهم ملائكة، وباين بينهم وبين من بعثهم إليهم بالفضل الذي جعله لهم عليهم، وما آتاهم الله من الدلائل الظاهرة والبراهين الباهرة، والآيات الغالبة. فمنهم: من جعل النار عليه بردا وسلاما واتخذه خليلا، ومنهم: من كلمه تكليما وجعل عصاه ثعبانا مبينا، ومنهم: من أحيى الموتى بإذن الله وأبرأ الأكمه والأبرص بإذن الله، ومنهم من علمه منطق الطير وأوتي من كل شئ.
ثم بعث محمدا صلى الله عليه وآله رحمة للعالمين وتمم به نعمته، وختم به أنبياءه: وأرسله إلى الناس كافة، وأظهر من صدقه ما أظهر، وبين آياته وعلاماته ما بين، ثم قبضه صلى الله عليه وآله حميدا فقيدا سعيدا، وجعل الأمر من بعده إلى أخيه وابن عمه ووصيه ووارثه علي بن أبي طالب عليه السلام، ثم إلى الأوصياء من ولده واحدا بعد واحد، أحيى بهم دينه، وأتم بهم نوره، وجعل بينهم وبين أخوتهم وبني عمهم والأدنين فالأدنين من ذوي أرحامهم فرقا بينا، تعرف به الحجة من المحجوج، والإمام من المأموم بأن: عصمهم من الذنوب، وبرأهم من العيوب، وطهرهم من الدنس، ونزههم من اللبس، وجعلهم خزان علمه، ومستودع حكمته، وموضع سره، وأيدهم بالدلائل ولولا ذلك لكان الناس على سواء، ولادعى أمر الله عز وجل كل أحد، ولما عرف الحق من الباطل، ولا العلم من الجهل.
وقد ادعى هذا المبطل المدعي على الله الكذب بما ادعاه، فلا أدري بأية حالة