أبي بكر فإنه يجب عليه أن يفعل بهم ما فعل بأبي بكر، فلما لم يفعل ذلك بهم يكون متهاونا بحقوقهم وتاركا للشفقة عليهم بعد أن كان يجب أن يفعل بهم جميعا على ترتيب خلافتهم ما فعل بأبي بكر.
وأما ما قال لك الخصم: بأنهما أسلما طوعا أو كرها، لم لم تقل بل أنهما أسلما طمعا، وذلك أنهما يخالطان مع اليهود ويخبران بخروج محمد صلى الله عليه وآله واستيلائه على العرب من التوراة والكتب المقدسة وملاحم قصة محمد صلى الله عليه وآله، ويقولون لهما:
يكون استيلاؤه على العرب كاستيلاء (بخت نصر) على بني إسرائيل إلا أنه يدعي النبوة ولا يكون من النبوة في شئ، فلما ظهر أمر رسول الله فساعدا معه على شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله طمعا أن يجدا من جهة ولاية رسول الله ولاية بلد إذا انتظم أمره، وحسن باله، واستقامت ولايته، فلما أيسا من ذلك وافقا مع أمثالهما ليلة العقبة وتلثما مثل من تلثم منهم، فنفروا بدابة رسول الله لتسقطه ويصير هالكا بسقوطه بعد أن صعد العقبة فيمن صعد، فحفظ الله تعالى نبيه من كيدهم ولم يقدروا أن يفعلوا شيئا، وكان حالهما كحال طلحة والزبير إذ جاءا عليا عليه السلام وبايعاه طمعا أن تكون لكل واحد منهما ولاية، فلما لم يكن ذلك وأيسا من الولاية نكثا بيعته وخرجا عليه حتى آل أمر كل واحد منهما إلى ما يؤل أمر من ينكث العهود والمواثيق.
ثم قام مولانا الحسن بن علي عليهما السلام لصلاته وقام القائم معه، فرجعت من عندهما وطلبت أحمد بن إسحاق فاستقبلني باكيا فقلت:
ما أبطأك وما أبكاك؟
قال: قد فقدت الثوب الذي سألني مولاي إحضاره.
قلت: لا بأس عليك فأخبره!
فدخل عليه وانصرف من عنده متبسما وهو يصلي على محمد وأهل بيته.
فقلت: ما الخبر؟
فقال: وجدت الثوب مبسوطا تحت قدمي مولانا عليه السلام يصلي عليه.