صاحبها الذي دفعها إليه، ولما دخلنا ووقع أعيننا على أبي محمد الحسن العسكري عليهما السلام كان وجهه كالقمر ليلة البدر وقد رأينا على فخذه غلاما يشبه المشتري في الحسن والجمال، وكان على رأسه ذؤابتان، وكان بين يديه رمان من الذهب قد حلي بالفصوص والجواهر الثمينة قد أهداه واحد من رؤساء البصرة، وكان في يده قلم يكتب به شيئا على قرطاس، فكلما أراد أن يكتب شيئا أخذ الغلام يده فألقى الرمان حتى يذهب الغلام إليه ويجئ به فلما ترك يده يكتب ما شاء.
ثم فتح أحمد بن إسحاق الكساء ووضع الجراب بين يدي العسكري عليه السلام، فنظر العسكري إلى الغلام فقال: فض الخاتم عن هدايا شيعتك ومواليك!
فقال: يا مولاي أيجوز أن أمد يدا طاهرة إلى هدايا نخسة وأموال رجسة؟!
ثم قال: يا بن إسحاق أخرج ما في الجراب ليميز بين الحلال والحرام!
ثم أخرج (صرة) فقال الغلام: هذا (لفلان بن فلان) من محلة (كذا) بقم، مشتمل على اثنين وسبعين دينارا، فيها من ثمن حجرة باعها وكانت إرثا عن أبيه خمسة وأربعون دينارا، ومن أثمان سبعة أثواب أربعة عشر دينارا، وفيه من أجرة الحوانيت ثلاثة دنانير.
فقال مولانا عليه السلام صدقت يا بني! دل الرجل على الحرام منها.
فقال الغلام: في هذه العين دينار بسكة الري تاريخه في سنة (كذا) قد ذهب نصف نقشه عنه، وثلاثة اقطاع قراضة بالوزن (دانق ونصف) في هذه الصرة الحرام هذا القدر. فإن صاحب هذه الصرة في سنة كذا في شهر كذا كان له عند نساج - وهو من جملة جيرانه - من وربع، فأتى على ذلك زمان كثير فسرقه سارق من عنده فأخبره النساج بذلك فما صدقه وأخذ الغرامة بغزل أدق منه مبلغ من ونصف، ثم أمر حتى نسج منه ثوب وهذا الدينار والقراضة من ثمنه. ثم حل عقدها فوجد الدينار والقراضة كما أخبر، ثم أخرجت (صرة) أخرى.
فقال الغلام: هذا (لفلان بن فلان) من المحلة (الفلانية) بقم والعين فيها (خمسون دينارا) ولا ينبغي لنا أن ندني أيدينا إليها.