فقال له الرضا عليه السلام: يا يحيى أخبرني عمن صدق كاذبا على نفسه، أو كذب صادقا على نفسه، أيكون محقا مصيبا، أم مبطلا مخطيا؟
فسكت يحيى.
فقال له المأمون: أجبه!
فقال: يعفيني أمير المؤمنين عن جوابه.
فقال المأمون: يا أبا الحسن عرفنا الغرض في هذه المسألة!
فقال: لا بد ليحيى من أن يخبرني عن أئمته: أنهم كذبوا على أنفسهم أو صدقوا، فإن زعم أنهم كذبوا فلا إمامة للكاذب، وإن زعم أنهم صدقوا فقد قال أولهم: (أقيلوني وليتكم ولست بخيركم) وقال ثانيهم: (بيعة أبي بكر كانت فلتة وقى الله شرها، فمن عاد لمثلها فاقتلوه) فوالله ما رضي لمن فعل مثل فعله إلا بالقتل، فمن لم يكن بخير الناس والخيرية لا تقع إلا بنعوت، منها: العلم.
ومنها: الجهاد. ومنها: ساير الفضائل وليست فيه، ومن كانت بيعته فلتة يجب القتل على من فعل مثلها، كيف يقبل عهده إلى غيره، وهذه صفته؟! ثم يقول على المنبر: أن لي شيطانا يعتريني، فإذا مال بي فقوموني، وإذا أخطأت فأرشدوني فليسوا أئمة إن صدقوا وإن كذبوا فما عند يحيى شئ في هذا.
فعجب المأمون من كلامه. وقال: يا أبا الحسن ما في الأرض من يحسن هذا سواك!
وروي عنه عليه السلام أنه قال: أفضل ما يقدمه العالم من محبينا وموالينا أمامه ليوم فقره وفاقته، وذله ومسكنته، أن يغيث في الدنيا مسكينا من محبينا من يد ناصب عدو لله ولرسوله، فيقوم من قبره والملائكة صفوف، من شفير قبره إلى موضع محله من جنان الله، فيحملوه على أجنحتهم، ويقولون: طوبى لك طوباك طوباك يا دافع الكلاب عن الأبرار، ويا أيها المتعصب للأئمة الأخيار.
وبالإسناد الذي تكرر عن أبي محمد الحسن العسكري عليه السلام قال: دخل على أبي الحسن الرضا عليه السلام رجل فقال: يا بن رسول الله لقد رأيت اليوم شيئا عجبت منه.