أن يكون هو من المنعم عليه بما وجدوا معه، فأقبلوا يحيونه تحية الملك ويسمونه باسمه ويجحدون أن يكون فوقه ملك وله مالك، فأقبل عليهم العبد المنعم عليه وسائر جنوده بالزجر والنهي عن ذلك، والبراءة مما يسمونه به، ويخبرونهم: بأن الملك هو الذي أنعم بهذا عليه واختصه به، وأن قولكم ما تقولون يوجب عليكم سخط الملك وعذابه، ويفوتكم كلما أملتموه من جهته، وأقبل هؤلاء القوم يكذبونهم ويردون عليهم قولهم، فما زالوا كذلك حتى غضب الملك لما وجد هؤلاء قد سووا به عبده، وأزروا عليه في مملكته وبخسوه حق تعظيمه، فحشرهم أجمعين إلى حبسه، ووكل بهم من يسومهم سوء العذاب.
فكذلك هؤلاء لما وجدوا أمير المؤمنين عبدا أكرمه الله ليبين فضله، ويقيم حجته، فصغروا عندهم خالقهم أن يكون جعل عليا له عبدا، وأكبروا عليا عن أن يكون الله عز وجل له ربا، فسموه بغير اسمه فنهاهم هو وأتباعه من أهل ملته وشيعته وقالوا لهم: يا هؤلاء أن عليا وولده عباد مكرمون مخلوقون ومدبرون لا يقدرون إلا على ما أقدرهم عليه لله رب العالمين، ولا يملكون إلا ما ملكهم، ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا، ولا قبضا ولا بسطا، ولا حركة ولا سكونا إلا ما أقدرهم عليه وطوقهم، وأن ربهم وخالقهم يجل عن صفات المحدثين، ويتعالى عن نعت المحدودين، وأن من اتخذهم أو واحدا منهم أربابا من دون الله فهو من الكافرين وقد ضل سواء السبيل.
فأبى القوم إلا جماحا وامتدوا في طغيانهم يعمهون، فبطلت أمانيهم، وخابت مطالبهم، وبقوا في العذاب.
وروينا أيضا بالإسناد المقدم ذكره عن أبي محمد العسكري عليه السلام: أن أبا الحسن الرضا عليه السلام قال:
إن من تجاوز بأمير المؤمنين عليه السلام العبودية فهو من المغضوب عليهم ومن الضالين.
وقال أمير المؤمنين عليه السلام: لا تتجاوزوا بنا العبودية، ثم قولوا فينا ما شئتم ولن تبلغوا، وإياكم والغلو كغلو النصارى فإني برئ من الغالين.