فقام إليه رجل فقال: يا بن رسول الله صف لنا ربك! فإن من قبلنا قد اختلفوا علينا.
فوصفه الرضا عليه السلام أحسن وصف، ومجده ونزهه عما لا يليق به تعالى.
فقال الرجل: بأبي أنت وأمي يا بن رسول الله! فإن معي من ينتحل موالاتكم ويزعم أن هذه كلها من صفات علي عليه السلام، وأنه هو الله رب العالمين.
(قال): فلما سمعها الرضا عليه السلام، ارتعدت فرائصه وتصببب عرقا وقال:
سبحان الله عما يشركون، سبحانه عما يقول الكافرون علوا كبيرا، أوليس علي كان آكلا في الآكلين، وشاربا في الشاربين، وناكحا في الناكحين، ومحدثا في المحدثين. وكان مع ذلك مصليا خاضعا، بين يدي الله ذليلا، وإليه أواها منيبا أفمن هذه صفته يكون إلها؟! فإن كان هذا إلها فليس منكم أحد إلا وهو إله لمشاركته له في هذه الصفات الدالات على حدث كل موصوف بها.
فقال الرجل: يا بن رسول الله إنهم يزعمون: أن عليا لما أظهر من نفسه المعجزات التي لا يقدر عليها غير الله، دل على أنه إله، ولما ظهر لهم بصفات المحدثين العاجزين لبس ذلك عليهم، وامتحنهم ليعرفوه، وليكون إيمانهم اختيارا من أنفسهم.
فقال الرضا عليه السلام: أول ما هاهنا أنهم لا ينفصلون ممن قلب هذا عليهم فقال:
لما ظهر منه (الفقر والغاقة) دل على أن من هذه صفاته وشاركه فيها الضعفاء المحتاجون لا تكون المعجزات فعله، فعلم بهذا أن الذي أظهره من المعجزات إنما كانت فعل القادر الذي لا يشبه المخلوقين، لا فعل المحدث المشارك للضعفاء في صفات الضعف.
وروي: أن المأمون كان يحب في الباطن سقطات أبي الحسن الرضا عليه السلام وأن يغلبه المحتج، ويظهره غيره، فاجتمع يوما عنده الفقهاء والمتكلمون، قدس إليهم أن ناظروه في الإمامة!
فقال لهم الرضا عليه السلام: اقتصروا على واحد منكم يلزمكم ما يلزمه.
فرضوا برجل يعرف بيحيى بن الضحاك السمرقندي، ولم يكن بخراسان مثله.