لا يقدر الخلق على مثله، أفليس كل من ادعى أنه نبي وجاء بما لا يقدر الخلق على مثله وجب عليكم تصديقه؟
قال: لا. لأن موسى لم يكن له نظير لمكانه من ربه وقربه منه، ولا يجب علينا الاقرار بنبوة من ادعاها حتى يأتي من الأعلام بمثل ما جاء.
قال الرضا عليه السلام: فكيف أقررتم بالأنبياء الذين كانوا قبل موسى، ولم يفلقوا البحر ولم يفجروا من الحجر اثنتي عشر عينا، ولم يخرجوا أيديهم مثل إخراج موسى يده بيضاء، ولم يقلبوا العصا حية تسعى؟!
قال له اليهودي: قد خبرتك أنه متى جاءوا على نبوتهم من الآيات بما لا يقدر الخلق على مثله ولو جاءوا بمثل ما لم يجئ به موسى، أو كانوا على ما جاء به موسى وجب تصديقهم.
قال الرضا عليه السلام: يا رأس الجالوت! فما يمنعك من الاقرار بعيسى بن مريم، وكان يحيي الموتى، ويبرئ الأكمه والأبرص، ويخلق من الطين كهيئة الطير ثم ينفخ فيه فيكون طائرا بإذن الله؟!
قال رأس الجالوت: يقال: أنه فعل ذلك، ولم نشهده.
قال الرضا عليه السلام: أرأيت ما جاء به موسى من الآيات وشاهدته! أليس إنما جاء الأخبار من ثقات أصحاب موسى أنه فعل ذلك؟
قال: بلى.
قال: كذلك أيضا أتتكم الأخبار المتواترة بما فعل عيسى بن مريم. فكيف صدقتم بموسى ولم تصدقوا بعيسى؟!
فلم يحر جوابا.
فقال الرضا عليه السلام: وكذلك أمر محمد صلى الله عليه وآله وما جاء به، وأمر كل نبي بعثه الله، ومن آياته أنه كان يتيما فقيرا راعيا أجيرا، ولم يتعلم، ولم يختلف إلى معلم.
ثم جاء بالقرآن الذي فيه قصص الأنبياء عليهم السلام وأخبارهم حرفا حرفا، وأخبار من مضى ومن بقي إلى يوم القيامة، ثم كان يخبرهم بأسرارهم وما يعملون