ويكثر العثار فيها، والاعتذار منها (1)، فصاحبها كراكب الصعبة إن أشنق لها خرم، وإن أسلس لها تقحم (2)، فمني الناس لعمر الله بخبط وشماس، وتلون واعتراض (3)، فصبرت على طول المدة، وشدة المحنة! حتى إذا مضى لسبيله،
(1) عثر: إذا أصابت رجله حجر أو نحوه.
فيه إشارة إلى ما كان عليه عمر بن الخطاب من التسرع في إصدار الأحكام غير الصائبة كأمره برجم المرأة الحامل وطلاق الحائض، وغيرها من الأمور التي كانت تدعوه للاعتذار بعد أن يتبين له الخطأ بإرشاد أمير المؤمنين عليه السلام، وقد تكرر قوله:
" لولا على لهلك عمر " و (لا كنت لمعضلة ليس لها أبو الحسن) و (لا عشت لمعضلة لا تكون لها يا أبا الحسن).
(2) الصعبة من الإبل: الغير المذللة. وأشنق لها بالزمام: إذا جذبه إلى نفسه وهو راكب ليمسكها عن الحركة العنيفة. والخرم الشق. وأسلس لها: أرخى لها. وتقحم في الأمر: ألقى نفسه فيه بقوة. فصاحبها أي: صاحب تلك الطباع الخشنة مثله - وهو يتولى شؤون الرعية وتدبير أمورهم - كمثل راكب الناقة الصعبة التي لم تذلل، فهو بين خطرين أن جذبها إليه شق أنفها، وإن أرخى لها القياد ألقت به في المهالك والناقة الصعبة هي الرعية لأنها لم تألفه وتنفر من طباعه فلا تسقيم له بحال. أو يكون المراد بالناقة الصعبة هو صاحب تلك الطباع، وحينئذ يكون المقصود من قوله (ع) إن أشنق لها خرم، وإن أسلس لها تقحم إن الذي يريد إصلاح صاحب تلك الطباع واقع بين خطرين فإن أنكر عليه وقع الانشقاق والاختلاف بينهما، وإن تكره وشأنه أدى به الأمر إلى الإخلال بالواجب.
ووجه ثالث يمكن أن يكون المقصود بالناقة الخلافة فإذا استرجعها بالقوة شق عصا المسلمين وأوقع الخلاف في صفوفهم مما يؤدي بالنتيجة إلى الردة. وإن تركها وسكت عنها، سارت في غير اتجاهها فهو منها بين خطرين.
(3) مني الناس: ابتلوا. والخبط الحركة على غير استقامة، والشماس - بكسر الشين - كثرة النفار والاضطراب. والتلون: اختلاف الأحوال. والاعتراض ضرب من التلون وأصله المشي في عرض الطريق.