أبى ذلك وكرهه، فقام إليه كثير بن عبد الله الشعبي وكان فارسا شجاعا لا يرد وجهه شئ فقال: أنا أذهب إليه، ووالله لئن شئت لأفتكن به، فقال له عمر: ما أريد أن تفتك به، ولكن ائته فسله ما الذي جاء بك؟
فأقبل كثير إليه، فلما رآه أبو ثمامة الصائدي قال للحسين عليه السلام: أصلحك الله يا أبا عبد الله، قد جاءك شر أهل الأرض، وأجرؤهم على دم، وأفتكهم (1). وقام إليه فقال له: ضع سيفك، قال: لا ولا كرامة، إنما أنا رسول، فإن سمعتم مني بلغتكم ما أرسلت به إليكم، وإن أبيتم انصرفت عنكم، قال: فإني آخذ بقائم سيفك، ثم تكلم بحاجتك، قال: لا والله لا تمسه، فقال له: أخبرني بما جئت به وأنا أبلغه عنك، ولا أدعك تدنو منه فإنك فاجر، فاستبا وانصرف إلى عمر بن سعد فأخبره الخبر.
فدعا عمر قرة بن قيس الحنظلي فقال له: ويحك يا قرة، الق حسينا فسله ما جاء به وماذا يريد؟ فأتاه قرة فلما رآه الحسين مقبلا قال: " أتعرفون هذا؟ " فقال له حبيب بن مظاهر: نعم، هذا رجل من حنظلة تميم، وهو ابن أختنا، وقد كنت أعرفه بحسن الرأي، وما كنت أراه يشهد هذا المشهد. فجاء حتى سلم على الحسين عليه السلام وأبلغه رسالة عمر بن سعد إليه، فقال له الحسين: " كتب إلي أهل مصركم هذا أن أقدم، فأما إذ كرهتموني فأنا أنصرف عنكم " ثم قال حبيب بن مظاهر: ويحك يا قرة أين ترجع؟! إلى القوم الظالمين؟! انصر هذا الرجل الذي بآبائه أيدك الله بالكرامة، فقال له قرة؟ أرجع إلى صاحبي