الذين جاؤوا معه من المدينة، ونفر يسير ممن انضووا إليه. وإنما فعل ذلك لأنه عليه السلام علم أن الأعراب الذين اتبعوه إنما اتبعوه وهم يظنون أنه يأتي بلدا قد استقامت له طاعة أهله، فكره أن يسيروا معه إلا وهم يعلمون على ما (1) يقدمون.
فلما كان السحر أمر أصحابه فاستقوا ماء وأكثروا، ثم سار حتى مر ببطن العقبة (فنزل عليها) (2)، فلقيه شيخ من بني عكرمة يقال له عمرو بن لوذان، فسأله: أين تريد؟ فقال له الحسين عليه السلام:
" الكوفة " فقال الشيخ: أنشدك الله لما انصرفت، فوالله ما تقدم إلا على الأسنة وحد السيوف، وإن هؤلاء الذين بعثوا إليك لو كانوا كفوك مؤونة القتال ووطؤوا لك الأشياء فقدمت عليهم كان ذلك رأيا، فأما على هذه الحال التي تذكر فإني لا أرى لك أن تفعل. فقال له:
" يا عبد الله، ليس يخفى علي الرأي، ولكن الله تعالى لا يغلب على أمره، ثم قال عليه السلام: والله لا يدعوني حتى يستخرجوا هذه العلقة من جوفي، فإذا فعلوا سلط الله عليهم من يذلهم حتى يكونوا أذل فرق الأمم " (3).
ثم سار عليه السلام من بطن العقبة حتى نزل شراف (4)، فلما كان في السحر أمر فتيانه فاستقوا من الماء فأكثروا، ثم سار منها حتى