وإن أبيتم إلا كراهية (1) لنا والجهل بحقنا، فكان رأيكم الآن غير ما أتتني به كتبكم وقدمت به علي رسلكم، انصرفت عنكم ".
فقال له الحر: أنا والله ما أدري ما هذه الكتب والرسل التي تذكر، فقال الحسين عليه السلام لبعض أصحابه: " يا عقبة بن سمعان، أخرج الخرجين اللذين فيهما كتبهم إلي " فأخرج خرجين مملوءين صحفا فنثرت بين يديه، فقال له الحر: إنا لسنا من هؤلاء الذين كتبوا إليك، وقد أمرنا إذا نحن لقيناك، ألا نفارقك حتى نقدمك الكوفة على عبيد الله. فقال له الحسين عليه السلام: " الموت أدنى إليك من ذلك " ثم قال لأصحابه: " قوموا فاركبوا " فركبوا وانتظر حتى ركب نساؤهم، فقال لأصحابه: " انصرفوا " فلما ذهبوا لينصرفوا حال القوم بينهم وبين الانصراف، فقال الحسين عليه السلام للحر: " ثكلتك أمك، ما تريد؟ " فقال له الحر: أما لو غيرك من العرب يقولها لي وهو على مثل الحال التي أنت عليها، ما تركت ذكر أمه بالثكل كائنا من كان، ولكن والله ما لي إلى ذكر أمك من سبيل إلا بأحسن ما يقدر عليه، فقال له الحسين عليه السلام: " فما تريد؟ " قال: أريد أن أنطلق بك إلى الأمير عبيد الله بن زياد، قال: " إذا والله لا أتبعك " قال: إذا والله لا أدعك. فترادا القول ثلاث مرات. فلما كثر الكلام بينهما قال له الحر: إني لم أؤمر بقتالك، إنما أمرت ألا أفارقك حتى أقدمك الكوفة، فإذ أبيت فخذ طريقا لا يدخلك الكوفة ولا يردك إلى المدينة، تكون بيني وبينك نصفا، حتى أكتب إلى الأمير. وتكتب إلى يزيد أو إلى عبيد الله فلعل الله إلى ذلك أن يأتي بأمر يرزقني فيه العافية من أن أبتلى