قال المأمون: نعم، قد زوجتك أبا جعفر أم الفضل ابنتي على هذا الصداق المذكور، فهل قبلت النكاح؟
قال أبو جعفر عليه السلام: " قد قبلت ذلك ورضيت به ".
فأمر المأمون أن يقعد الناس على مراتبهم في الخاصة والعامة.
قال الريان: ولم نلبث أن سمعنا أصواتا تشبه أصوات الملاحين في محاوراتهم، فإذا الخدم يجرون سفينة مصنوعة من فضة مشدودة بالحبال من الإبريسم على عجل مملوءة من الغالية (1)، فأمر المأمون أن تخضب لحى الخاصة من تلك الغالية، ثم مدت إلى دار العامة فطيبوا منها، ووضعت الموائد فأكل الناس، وخرجت الجوائز إلى كل قوم على قدرهم، فلما تفرق الناس وبقي من الخاصة من بقي، قال المأمون لأبي جعفر: إن رأيت - جعلت فداك - أن تذكر الفقه فيما فصلته من وجوه قتل المحرم الصيد لنعلمه ونستفيده.
فقال أبو جعفر عليه السلام: " نعم، إن المحرم إذا قتل صيدا في الحل وكان الصيد من ذوات الطير وكان من كبارها فعليه شاة، فإن كان أصابه في الحرم فعليه الجزاء مضاعفا، وإذا قتل فرخا في الحل فعليه حمل قد فطم من اللبن، وإذا قتله في الحرم فعليه الحمل وقيمة الفرخ، وإن كان من الوحش وكان حمار وحش فعليه بقرة، وإن كان نعامة فعليه بدنة، وإن كان ظبيا فعليه شاة، فإن قتل شيئا من ذلك في الحرم فعليه الجزاء مضاعفا هديا بالغ الكعبة، وإذا أصاب المحرم ما يجب عليه