وزعفران معجون، في أجواف تلك البنادق رقاع مكتوبة بأموال جزيلة وعطايا سنية وإقطاعات، فأمر المأمون بنثرها على القوم من خاصته، فكان كل من وقع في يده بندقة، أخرج الرقعة التي فيها والتمسه فأطلق له.
ووضعت البدر، فنثر ما فيها على القواد وغيرهم، وانصرف الناس وهم أغنياء بالجوائز والعطايا. وتقدم المأمون بالصدقة على كافة المساكين.
ولم يزل مكرما لأبي جعفر عليه السلام معظما لقدره مدة حياته، يؤثره على ولده وجماعة أهل بيته (1).
وقد روى الناس: أن أم الفضل بنت المأمون كتبت إلى أبيها من المدينة تشكو أبا جعفر عليه السلام وتقول: إنه يتسرى (2) علي ويغيرني، فكتب إليها المأمون: يا بنية، إنا لم نزوجك أبا جعفر لتحرمي (3) عليه حلالا، فلا تعاودي لذكر ما ذكرت بعدها (4).
ولما توجه أبو جعفر عليه السلام من بغداد منصرفا من عند المأمون ومعه أم الفضل قاصدا بها المدينة، صار إلى شارع باب الكوفة ومعه الناس يشيعونه، فانتهى إلى دار المسيب. عند مغيب الشمس، نزل ودخل