عز وجل - كثرتهم (١) لم يشعروا إلا بكتائب المشركين قد خرجت إليهم من تلك الشعاب والمضايق، وشدوا عليهم شدة رجل واحد، فانشمروا راجعين لا يلوي أحد منهم على أحد.
(قوله: انشمروا، أي انقبضوا، ومنه تشمير الثوب).
وثبت رسول الله صلوات الله عليه وآله في خمسة من بني عبد المطلب. وعلي صلوات الله عليه شاهر سيفه، يحميه ويضرب دونه، والعباس آخذ بلجام بغلة رسول الله صلوات الله عليه وآله وكان يومئذ راكبا على بغلة: وقال رسول الله صلوات الله عليه وآله للعباس - وكان رجلا صيتا -: ناد بالناس وعرفهم مكاني، وقد أمعن الناس في الهزيمة كما أخبر الله عز وجل بقوله: ﴿ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تعن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين، ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين﴾ (2) يعني الذين ثبتوا مع رسول الله صلوات الله عليه وآله، فظهر من المنافقين يومئذ ما يسرونه، فأخرج أبو سفيان أزلاما من كنانته فضرب بها، وقال: إني أرى أنها هزيمة لا يردها إلا البحر. وقال آخرون منهم (3): اليوم بطل السحر. وهم شيبة ابن عثمان بن أبي طلحة بأن يقتل رسول الله صلوات الله عليه وآله، وقال: اليوم أدرك ثأر أبي، وكان أبوه قتل ببدر، قال: فتغشى فؤادي شئ لم أملك معه نفسي، فعلمت أنه ممنوع مني. ونظر علي صلوات الله عليه وهو يجالد بين يدي رسول الله صلوات الله عليه وآله ويذب عنه إلى صاحب لواء المشركين وهو من هوازن على جمل والراية معه وهو يطعن بها في المسلمين وقد تضايقوا في وعرهم