منهزمين. فأهوى علي صلوات الله عليه إلى صاحب الراية (1) من خلفه فضرب عرقوبي جمله بالسيف فحلهما (2) فوقع الجمل على عجزه، وسقط صاحب الراية عنه فعلاه بالسيف فقتله، فصار حدا والجمل حدا بين المسلمين والمشركين.
ونادى العباس - بأعلى صوته - يا معشر المسلمين، يا معشر المهاجرين والأنصار يا أصحاب الشجرة ويا أهل بيعة الرضوان هلموا إلى نبيكم، فهذا هو!. فجعلوا ينادون من كل جانب: لبيك لبيك!. ولم يكونوا ظنوا إلا أن رسول الله صلوات الله عليه وآله قد قتل، أو رجع فيمن رجع، فجعل الرجل منهم يريد أن يصل إليه بفرسه أو على بعيره فلا يقدر لضيق المكان وازدحام الناس، فيأخذ سلاحه ثم يرمي بنفسه عن مركبه ويدعه ويأتي رسول الله صلوات الله عليه وآله ولما أصيب صاحب لواء المشركين ولم يقدروا على أن يقيموا غيره مكانه انحل نظامهم واضطربوا وضرب الله عز وجل في وجوههم وأيد رسوله بجنود لم تروها كما أخبر سبحانه، فما رجع آخر الناس من الهزيمة إلا والأسارى بين يدي رسول الله مكتوفين والغنائم قد حيزت، وكان من علي صلوات الله عليه يومئذ من البلاء ما لم يكن لاحد مثله، وقامت الأنصار فيه لما انصرفوا مقاما حسنا.
(مقتل دريد) ولحق يومئذ ربيعة بن رفيع دريد بن الصمة وهو على جمل في شجار.
(والشجار: خشب الهودج فإذا غشي صار هودجا).